حكاية بلا نهاية للمسرح القومي:

هل يتفق تعدد الهدف مع عمق الفكرة وقيمتها؟

في موسمه الحالي يقدم المسرح القومي مسرحية ” حكاية بلا نهاية ” على مسرح صالة الحمراء، وهي من تأليف وإخراج أسعد فضة

نحن في المسرحية أمام هجوم هجائي شديد على معالم الواقع الذي نعيشه، من نقص فيه وشروط مذلة لإنسانه، في أكثر حالات هذا الانسان اندحارا وسلبية.

فكرة المسرحية:

ومن أجل تشخيص النقائص فان العلاج ينطلق من الانسان الذي تعبر عنه في علاقاته وأوضاعه، مجموعة ” الديوك ” فرقة ” الديوك “: خمسة اشخاص ذوي اسماء معبرة، تدور كلها في فلك العجز الانساني، والمرارة والخيبة الحياتيتين، ” شمس النهار ” و ” عياط ” و ” شكي بكى ” و ” الخلد ” و ” عصفور ” وبرغم هذه الاسماء المتباينة والمختلفة فان ثمة شيئا واحدا يجمعها معا، وهو قوة الامتثال الى واقع الحياة السلبي، المدمر للشخصية مهما كان اسمها ومهما كان وصفها.

وبداية المسرحية هي خارج الصالة، ونهايتها ايضا لا وجود لها، فهي بلا بداية ولا نهاية وانما فقط، لقطات مفصلة عن حالة الانسان الاجتماعي، الذي تعود النشاط السلبي والاحجام.

ومن موقع ما، ذاتي، تحريضي، يجري انتقاد المألوف بلا هوادة، السخرية منه، الغضب عليه، انه ذلك المألوف المعاش من الظلام والضبابية والجوع والصراخ والثرثرة، وكل هذه فروضات تجعل انسان المجتمع مجرد عبث، لا جدوى من حياته الحقيرة على هذه الشاكلة، رغم انه كثيرا ما لا يدرك كيف هو الحال بالنسبة اليه، بل ما زال يتلقى كل ما دبر له وحيك لأجله وهو غير آبه بقيمة الفهم الخاص لما اعتاد عليه.

ويبدو، حسب المسرحية، ان كل شيء مهما بدا جديا يكاد يدعو للسخرية، وهكذا تتداخل الافكار والمفاهيم، ويتطاول اللعب على الجد، لتغيب الفواصل المحددة لكل حالة، صورة، حقيقة، ومن ثم لتمحي الأجزاء السريعة، والمعبرة وكذلك منها شديدة الأهمية، ولتستوي في كل شعوري، يصاغ عسفا بطريقة مؤسفة والأهم في هذه المسرحية، والتي سجلته عن جدارة هو انها عالجت أكثر الاشياء والقضايا التصاقا بالهم اليومي والحالة المتكررة بشكل جعلها تبدو وكأنها تحصل لأول مرة أمام صالة المتفرجين.

الجوع المؤلم، يجعل الانسان يتخلى عن انسانيته في سعيه وراء اللقمة!! هذا صحيح، غير ان الطرح الاحتفالي الخاص أعاد رونق الغرابة للمشكلة، وطابع الدهشة الذي فقدته! أخلاق تعسة مفروضة، محفوظة عن ظهر قلب لا يعلم الأغلبية مالها من أين والى أين، أصلها غائم وواقعها مزيف، ولأجلها يقسر القانون ويأخذ تفسيره ” العادي ” كل هذا صحيح، لكن الجديد ان المعايير تلك مازالت تنهب راحة النفس دون دراية بالأمر، من نفس تتوق بطبعها الى الانعتاق من المكروه …. ولو أن هذا المكروه نفسه، هو موضع تساؤل وشك.

ان ذلك يعني شيئا هاما راحت اليه المسرحية: الانسان ” مبروم ” ” كالزنبرك ” يمارس فعله الميكانيكي عند أول محرض، بل وبلا محرض أيضا، انسان اعمى الإرادة والتوجه لضغط الأثقال عليه ولقلة الخيارات في وقت واحد، بل لانعدام الخيارات …

انسان تفرض عليه ” المحفوظات ” العرفية، وتنال من انسانيته حتى لو كان موضوعها التألم، أو تداعي الذات السلبية، هو ذا انسان المسرحية التي تعرضت اليه، انسان جعلت منه حياته المطاعة، مجرد آلة تعمل الى لا هدف، وتلك هي ” فرقة الديوك ” التي قدمت المعروف، العادي، المألوف بطريقة غير عادية، ورغم بساطة الموضوع فان تسجيل ما يلي شيء ضروري:

    • اعتبرت المسرحية، دوما، أن الانسان مجرد رقم أو فرد ولهذا كان أن خرجت بعجزه وفشله واندحاره.
    • جعلت مناط الفعل الانساني في جبهة وحيدة قاسية الفعل، لا انسانيته، وخيبت مفهوم الحياة المقابل الذي يتصل عضويا بالجبهة الأولى.
    • لان المسرحية قدمت ما هو معاش بشكل غير عادي، كان من الممكن إظهار المناقض، النقيض، لذلك في كل لحظة فعل ودوما بالشكل الذي يعري العادي حتى يجعله غير عادي، دون إملاء أو نصح أو تحريض.
    • منعت المسرحية مفهوم ” التأزم ” في العلاقات، ولم تسمح سلفا لهذا المفهوم الوصول الى شكله الممكن في العرض المسرحي، وذلك بعيدا عن تقديم الحلول بشكل تقليدي – والمسرحية لم تقدم حلولا وهذا لا عيب فيه -.
    • انسحبت المسرحية بالفعل وغيبته في كل وقت، في كل مناسبة، كان يمكن فيها أن يعبر الحدث عن أكثر من مجرد ردة فعل.
    • ان الخطأ الكبير الذي عانته المسرحية هو انها حاولت التعرض لكل شيء، لأغلب مظاهر الخراب الاجتماعية والانسانية في وقت لا يسمح الأمر فيه بذلك، وبهذا تساوت النتائج القليلة غير الهامة، من حيث ضحالة فعلها المرافقة لتعد..
    • انساقت المسرحية وراء المفاهيم العاطفية للحلول القومية، الوطنية الاجتماعية، حيث تهكمت بواقع التجزئة ظنا منها ان الحل هو في الدعوة الحارة الى العكس هذه الدعوة التي يمكن ان تفهم عن طريق المخالفة، وبذلك تكون المسرحية قد خلطت بين التعرض للأهداف الكبرى، والتعرض الى وسائل اولية لإزالة كوابيس الحياة من فوق كاهل الفرد، وهذا له أثر سيء في وعي المشاهد، وذلك حتى في اللحظة التي يصفق فيها الجمهور بحرارة عند نقد واقع التجزئة، كما عند نقد سبب هذا الواقع.

ان كل ما عرضت له المسرحية من انتقاد صادق لمفاعيل الظروف اليومية التي تكره الانسان على الانفساخ والانطواء والسبية والعجز، تجعل التعرض للتحريض على ضرورة تحقيق الأهداف الكبرى، من باب تحصيل حاصل.

    • إن ما سبق بحثه أكثر أهمية و خاصة حين نعلم ان علاج المسائل اليومية, كالقهر و الجوع و الذل و الحرمان و السلبية, ذات الاسباب التاريخية و الواقعية, انما هو علاج يستقصي راحة نفس المشاهد و يقلبها الى تمرد حسي آني, يطبق نفسه عاطفيا على التعامل مع الموضوعات الكبرى من مثل مفهوم ” التجزئة ” مثلا, مما يجعل هذه الموضوعات الكبرى على هامش متن العمل الفني.
    • وفوق ذلك راحت المسرحية الى اتباع اسلوب التحريض بدل الاكتفاء بالتدليل, بغض النظر عن أهمية التدليل و نوعيته و أهدافه, مما أنقص قيمة الهدف الضمني.

فن المسرحية:

استطاع العرض تحقيق ما رمى اليه، عن طريق ابتكار شكل يمت مباشرة الى واقع الفعل الأساسي في مضمون العرض.

فاللعبة الهامة التي ابتكرها المخرج، سواء في التأليف أو الإخراج حققت هدفين معا:

أولا – تبرير كل ما يمكن أن يقال عن سوء الوضع، وذلك عن طريق تداخل اللعب بالجد والمزاح بالحقيقة، مما جعل المشاهد يأتلف مع حالة العرض دون عناء أو احساس بالثقل.

ثانيا – تمكين المشاهد من الخروج من حالة الملل المتوقعة، وهو يرى ما يعيش فيه، وما هو مألوف لديه.

وقد أفاد الإخراج من مفهوم ” التغريب ” عند بريختر، عندما جعل عند كل نقطة ذروة انفعالية حاجزا عن المتابعة ” الدرامية ” يبطل السير اللاهث وراء ” صدق ” المشهد وضغطه، ليحيل المشاهد الى نقطة بداية تبحث عن خيط ذي لون آخر، سواء فنيا أو فكريا وكذلك الأمر بالنسبة للديكور البسيط، الذي حقق مهمة إخراج المتفرج من التأثر بالجمادات وجعله رهن الموضوع الذي هو أهم، على حين لم يكن للإضاءة دور هام، متميز.

و أما عن الموسيقا فقد سلكت سلوكا آخر , فعلى حين كان من ضرورة التغريب الفني ان تساهم الموسيقا في رفع سوية الذهنية في التلقي , نراها أمعنت في فرض الجو النفسي العام الذي هدفت اليه المسرحية أساسا , يعني تحقيق الوطأة الأكبر على الشعور حين عمدت في كل مناسبة الى تفريغ المتفرج من امكانية اعداد مجموعة من المشاعر في مواجهة الحالة المعروضة , فأكثرت من إحباطات المتفرج حين كانت تتدرج من الأعلى الى الأسفل في السلم الموسيقي , وذلك بهدف التأثير التفريغين , الإحباطين  , على الاحساس , مهتمة بتوصيل التعجيزية في الطرح العام , هذه التعجيزية التي تعد موضع انتقاد هي الاخرى من باب أهم .

وفي الحديث عن مجموعة الممثلين، فقد لا يكون اجحافا قولنا ان الجميع تفوقوا وتوتروا الى درجة واعية، عالية، كبيرة، على حين بقي الممثل ” تيسير ادريس ” خارج الحدث، بشكل عام، ناقص التوتر، ” حيادي ” التعامل مع الفكرة، الأمر الذي جعله يتدنى عن مجموعة زملاء عمله، بأن بقي نافرا بين المجموعة.

عبد الخالق صالح محفوض

رقصة التانغو..

تحكي قصة التمرد الأوروبي في اوائل القرن العشرين

“رقصة التانغو” نص أدبي فلسفي جامع لمسرح اللامعقول (بيكيت) و المسرح المثالي الحكمي (بريخت) و الواقعي العبثي جينه و بنتر اختاره المخرج أسعد فضة لعرض التمرد الذي اجتاح المجتمع الاوروبي في النصف الأول من هذا القرن.

لكن ما معنى – التمرد – في مسرحية – رقصة التانغو؟

حين لجأ المؤلف مروجك – البولوني المتأثر بمسرح بيكيت وبريخت – الى تصوير المفارقات التي أعقبت الحربين العالميتين في اوروبا – أكان في المفاهيم الأخلاقية أو في العادات الاجتماعية اعتمد اللغة الفلسفية – للتعبير عن ” الهوة ” القائمة بين جيل ما قبل الحرب وجيل ما بعده..

فآرثر (يوسف حنا) الابن الوحيد – للايانورا – (منى واصف) – وستوميل – عدنان بركات – يدرس الطب اضافة الى اهتماماته الفلسفية اللاهوتية والتاريخية.. اخلاقية آرثر و مثالياته الطوباوية جعلته يبدو متزمتا و محافظا أكثر مما هو عليه فهو يريد تغيير ( العالم الشرير حتى النخاع ) لكنه من أجل تحقيق هذا لا يتوانى عن تقديم المسدس لوالده كي يقتل عشيق والدته الخادم – ادي – ( عصام عبه جي ) انه يبغي الاصلاح اصلاح المجتمع و الأخلاق الفاسدة و تحقيق النظام و القضاء على – التناقض – و الفوضى و الاستهتار … لكنها تظل أمنيات هي رهن التنفيذ فإصلاحاته ليست أكثر من تصريحات و كلام منسق أما الأفعال فيتركها لخاله – أوجين – ( احمد عداس ) فهو لا يتجاسر على قتل – ادي – كما يخشى التصريح بحبه – الللا- ( مها الصالح ) الا بعد فوات الأوان و بعد تردد مميت , انه يكتفي بالتهديد و التلويح بأنه ( رافض ) لكل ما هو اباحي و فوضوي..

وتمرده ليس الا تنفيسا عن كبته الداخلي دفاعا عن مبادئه التي سلخته عن مجتمعه الأسري لينطوي على نفسه ويضيع في دوامة التنظير الطوباوي..

ففي حين يفتخر والداه الفنانان بتحطيمهما للقيود والأعراف الاجتماعية قبل – 25 – عاما من ولادته لا يجد جوابا سوى التنديد بأنه (بحاجة لوالدين يخلقهما من جديد) من هنا تأتي أحلامه المرضية وشطحاته السفسطائية التي ساعدت على نقل داء العبث اليه فاختلطت أمور في رأسه: هل الوجود والعدم واحد؟ كيف يميز النظام عن الثورة؟ ولماذا يعلو النظام فوق الحرية؟

المفارقات التي ولدتها تربيته ودراسته الليبرالية جعلته أخيرا يختار شريعة الغاب حيث القوة تخلق من لا شيء وهي الممكن الوحيد في الحياة).. وهكذا عوضا عن الالتزام الفكري الذي أراده سبيلا للحياة يتخلى آرثر عن مبادئه ليصبح لا منتميا..

عندها يقتله – ادي – الخادم الشاهد الصامت على عجزه وعدم قناعته بالتغيير..

والنص زاخر بالنقد الأدبي والفلسفي والفني.. كما هو زاخر بحشد من كبار الممثلين السوريين كأميمة الطاهر (الجدة اوجينا) التي فجر موتها الموقف الميلودرامي الأخير، وجاء تألق يوسف حنا في الدور الرئيسي – آرثر – ليروح عن تعب المشاهد المأخوذ – بالمفارقات المثالية – الواقعية – والمشحون بعقد الذنب والاشمئزاز التي انتقلت عدواها من خشبة المسرح الى الصالة.

وكعادتها نجحت – منى واصف – في تأدية دور الأم – كما في جونو و الطاووس – اضافة الى براعتها في نقل الحركات الطبيعية للفنانة التي تهتم بالشكليات و كان دور – ادي – عصام عبه جي منسجما مع دور الأب – عدنان بركات – بحيث بدا الاثنان وجهي عملة واحدة : النوازع الفطرية و الجذور الحيوانية في الانسان – فالخادم هو بديل الزوج و الزوج رهين خداع زوجته و كلاهما – بطل – في نظر المرأة التي اختارتهما أما الخطيبة – الا – ( مها الصالح ) فهي الحلم الكاذب لآرثر و نسخة مطابقة عن الأم الاباحية و المتحررة دون أن نفهم ما معنى الحرية , ولكن اكتسبت بعض التعابير الفلسفية الطابع السياسي الا انها لم تخدم أية عقيدة سياسية متقدمة فحين تنتصر القوة يصبح التسلط و الديكتاتورية مشروعة و تتحول الحرية الى عصا غليظة في يد الأقوى .. والأقوى هنا المخرج لأنه تمكن من اقتباس نص أجنبي فلسفي وتحويله الى مسرحية واعية عميقة المضمون واقعية المرمى.. فالهوة بين الأجيال يمكن ردمها قيب فوات الأوان بالالتزام والتنسيق المشترك بين أفراد المجتمع الواحد لبناء مستقبل أفضل.

هدى انتيبا

سيقدم مسرح فايمر في المانيا الديمقراطية هذا الموسم مسرحية لمؤلف سوري ومخرج سوري، ومسرح فايمر هذا له سمة خاصة ومكانة مميزة ليس في المانيا فحسب، بل وفي كافة انحاء العالم وذلك لكونه مسرح غوته وشيلر وليست حيث كان هؤلاء العظام يقدمون أعمالهم عليه.

والمسرحية هي ” مغامرة رأس المملوك جابر ” من تأليف سعد الله ونوس، وقد أخرجها الفنان أسد فضة في المانيا الديمقراطية بمدينة فايمر – 350 كيلو متر جنوبي برلين – بعد أن أمضى هناك شهرين وعشرة أيام وقد عاد في هذا الأسبوع.

ومغامرة رأس المملوك جابر.. بلا شك عمل يحمل أكثر من بعد محلي، ولعل هذا ما رشحه لأن يتجاوز حدود الوطن ويدفع فرقة فايمر المسرحية الالمانية لاختياره في موسمها الحالي.

فالمغامر جابر الذي يسلم رأسه بدافع المغامرة فقط ودون أن يتساءل لمن يسلم؟ ولماذا هذا التسليم؟ فهو لا يلبث ان يجد رأسه يتدحرج على الأرض.

وهذه نتيجة طبيعية للانتهازية التي تبحث عادة عن المكاسب الشخصية فقط، ضاربة بكل القيم.

وجابر ليس بالنموذج المحلي فقط انه نموذج عالمي.. انه داء موجود في كل مكان.. ولذا فإن الأعمال الفنية التي تشرح هذا الداء، لا شك أنها تفرض نفسها عل كل جمهور في كل مكان وفي كل زمان.

لعل من أجل هذا وقع اختيار فرقة فايمر المسرحية على مسرحية ” مغامرة رأس المملوك جابر” عندما أرادت اختيار أحد النصوص من القطر العربي السوري لتقديمه أمام الجمهور الألماني، ولعل ما شجعها على هذا الاختيار هو ذاك الجو الشرقي الذي يتمتع به النص، سواء في عملية نقل الحكواتي في المقهى الشعبي الى خشبة المسرح.

أو في القصة التي تحملها المسرحية عن واحد من اولئك المغامرين الذين اشتهروا في الأساطير والحكايات الشعبية في الشرق والذين تحمل حياتهم أكثر من مفاجأة.. كما تحمل الى جانب ذلك العبرة.

كيف تم اختيار أسعد فضة ليخرج مغامرة رأس المملوك جابر في المانيا الديمقراطية؟ وما هي انطباعات مخرج سوري عندما يؤدي عمله في بلد أجنبي؟ ماهي العقبات التي يمكن أن تعترضه؟ ماهي الدروس التي عاد بها من احتكاكه العملي مع فرقة اجنبية؟

هذا ما يحاول أن يجيب عنه حوارنا مع الفنان أسعد فضة..

أما عن حكاية انتقاله بالذات لإخراج هذا العمل فيقول:

“إنها مجرد ترشيح من الوزارة. طلبت فرقة فايمر مخرجا فرشحتني الوزارة … وان الاتفاقية الثقافية مع المانيا الديمقراطية تنص على تبادل مخرجين”.

سألت الفنان أسعد فضة:

    • ماهي أهم السمات التي لاحظتها في الفرقة التي عملت معها لمدة قاربت شهرين ونصف الشهر, والتي يتميز فيها أسلوب العمل عندهم ؟
    • هناك عدة نقاط من المهم الوقوف عندها ودراستها بإمعان , من ذلك مثلا ملاحظة أسلوب العمل الجماعي في كل ميدان … سواء في مجال تحديد عمل الموسم بكامله , أو في مجال انجاز العمل الفني الواحد , صفة الجماعية دائما واردة , كما ان للتخطيط دورا أساسيا , كل شيء بحسب خطة , منهاج الموسم بكامله يخطط له و يدرس , وكل صغيرة وكبيرة في العمل الواحد توضع كافة حساباتها , ودائما نجد في الحساب أن أي عمل يجب أن يحقق حدا أدنى من النجاح لا يجوز أن يقل عن نسبة معينة , وهي نسبة عالية غالبا , لا تقل عن ثمانين بالمئة في معظم الأحيان .
    • أحب أن نقف لنرى ماذا تعني بتعبير (النجاح) ؟ ما هو تفسير النجاح في رأيهم؟
    • طبعا النجاح الفني. أي أن كل عمل يجب أن يقدم على المسرح بمواصفات فنية فيها ما لا يقل عن ثمانين بالمئة من النجاح.
    • اذا ليست القضية قضية نجاح جماهيري ؟
    • إن هذا يؤخذ بعين الاعتبار أيضا.
    • اذن نستطيع أن نقول ان تفسير الناح يطرق من كافة الابواب: الموضوع, والفنية, والجمهور
    •  بالطبع …
    • استاذ أسعد. عندنا في المسرح القومي طرق عمل، وفي الفرقة التي عملت معها خلال الشهرين الماضيين لا شك أن لهم طرقهم أيضا … الم تصادفك مشاكل في هذا الجانب؟
    •  هم يتبعون نظام (الروبرتوار) … وهذا يختلف كليا عن النظام الذي نتبعه نحن. نعرض المسرحية لشهر أو شهرين ثم ترفع نهائيا، أو تعاد بعد عدة سنوات، أما نظامهم فيعتمد على عرض المسرحية ليوم أو بضعة أيام قليلة ثم ترفع ليوضع سواها، وتعرض من جديد بعد نصف شهر أو ربما أقل أو ربما أكثر.
    • ماذا ينتج من هذا النظام؟
    • ينتج أن الفرقة تقوم بتحضير عدة مسرحيات في آن واحد لأن تلك المسرحيات سوف تعرض في آن واحد أيضا، ولذا – وهنا المشكلة – لن يستطيع المخرج أن يؤدي البروفات بشكل منتظم من أول مشهد في المسرحية حتى آخر مشهد. بل هو في كل يوم يؤدي تمارين على المشاهد التي يوجد عنده ممثلوها، لأن بعض الممثلين سوف يكونون مشغولين في بروفات مسرحيات أخرى، وهكذا قد نعمل اليوم تمرينا على مشهد من الفصل الثالث وغدا من الفصل الأول وبعد غد من الثاني.. وهكذا
    • ألم يكن ذلك شاقا بالنسبة اليك ؟
    • طبعا … لكن هذا هو النظام الذي واجهني.
    • شاهدنا مغامرة رأس المملوك جابر قبل عامين في دمشق من اخراج سعد الله ونوس, هل لإخراجك علاقة بالعمل الذي قدمه سعد الله ونوس ؟
    • لا.. المنطق يختلف.
    • ماهي السمات التي وضعتها في العمل ؟
    • بالطبع كان أول شيء هو دراسة الجمهور الجديد على والذي ستقدم له المسرحية.. لقد كنا أمام جمهور جابه خلال تطوره …نماذج لا تهتم الا بمصالحها الشخصية … نماذج من أمثال المغامر جابر.. ولذا كان لابد من الاهتمام بهذا الجانب بالإضافة الى جانب آخر تطرحه المسرحية وهو دعوة الناس الى التزام موقف من الأحداث التي تحيط بهم، فعدم التزام جابر وأنانيته لم ينقذاه من مصير أسود.
    • أحب أن نتحدث لو سمحت عن نقطة هامة وردت عرضا في مطلع حديثك وهي أن العمل في المسرح الألماني عمل جماعي. فهذه النقطة أريد لها توضيحا وأمثلة ومقارنة، وكن، وقبل أن نتعرض لهذا الجانب الهام، هل نستطيع أن نأخذ فكرة عن المشاكل التي تعترض المسرح الألماني اليوم والتي رأيتها من خلال احتكاكك العملي في فرقة فايمر؟
    • بالطبع ان السرح الالماني شأنه شأن كل مسرح تعترضه مشاكل متنوعة.. الشيء الذي لاحظته في مسرح (برلين انسامبل) مثلا الفراغ الذي أحدثه غياب بريخت، ذاك الفراغ الذي برز بشكل واضح بعد غياب زوجة بريخت هيلينا فايغل في العام الماضي، ان غياب بريخت والمخرجين الذين يعبرون عن مسرحه أحدث الآن نوعا من الجمود والتكرار في (برلين انسامبل)..
    • استاذ أسعد, شرود قليل و عودة سريعة الى مغامرة رأس مملوك جابر: من ترجمها الى الالمانية ؟

الدكتور عادل قره شولي.

    • ومتى ستعرض ؟
    • الأسبوع القادم، بالتحديد في العشرين من الشهر الحالي.
    • هل ستحضر الافتتاح ؟
    • أنني مدعو ولا أعلم ان كان وقتي سيسمح لي بالذهاب.
    • نعود لو سمحت لنتابع حديثنا حول ملاحظاتك عن المسرح الالماني, قلنا عن نقطة هامة أن العمل في الفرقة التي أخرجت لها هو قبل كل شيء عمل جماعي, كيف تفسر ذلك ؟
    • التعاون والتعاضد بين جميع العاملين من أجل الوصول بالعمل الى أعلى نسبة من النجاح.
    • قبل كل بروفة لابد من مناقشة كافة المشاهد التي سيتم التدريب عليها وقد تستمر تلك المناقشة لأكثر من ساعة، المهم أن الممثل لا يصعد الى المسرح إلا وقد وضح كل شيء في ذهنه … في هذه الحالة فقط يأخذ الممثل دوره تماما، لأن الممثل ليس مجرد أداة بل مبدأه التساؤل.
    • كافة الكوادر الفنية متوفرة للفرقة مهندسو الديكور – مصممو الأزياء – الموسيقى – مساعد المخرج – الدراماتيود – وحتى الماكيير والإداريون، وجميع هؤلاء يعملون في تناسق تام مع المخرج تعقد جلسات جماعية يقول فيها المخرج ماذا يريد وكيف سيكون أسلوب العمل، ويقوم كل مختص من هؤلاء بتسجيل ما يخصه، ومن الممكن أن يتعاونوا فيما بينهم في جلسات ثنائية
    • (مهندس الديكور ومصمم الأزياء مثلا) وذلك لإيجاد وسائل تجعل الديكور والأزياء أكثر تناسقا.
    • من ملاحظاتي في احتكاكي العملي معهم أقول: عندهم الروح التي تجملهم لمبدأ الوصول بالعمل الى أعلى نسبة من النجاح، وهذا يشكل دليل العمل لكل العاملين.
    • عندنا هذا الاسلوب غير متوفر، اننا نفتقر اليه لأن الفردية تلعب دورا بارزا، الاخراج في جهة، والإدارة في جهة، والممثلون في عزلة، والكوادر الفنية بعزلة أشد، في رأيي العمل عندنا (تراكم جماعي) وليس (عمل جماعي)، مع أنه ببعض التنظيم ويمكن أن يتم العكس.
    • بصفتك مخرجا في مديرية المسارح لمدة تسع سنوات ماضية… ومديرا للمسرح القومي لأقل من ذلك بقليل, ألا تتحمل جزءا من مسؤولية (عدم التنظيم) و (التراكم الجماعي) و عدم القدرة على خلق (روح العمل الجماعي).
    • لم تكن الأمور دائما تحت طوعنا.. اننا رغم العقبات الكثيرة في طريقنا نرفع مثل هذا الشعار: ((كل شيء تمام، كل شيء كويس))!
    • اذا كانت بعض الأمور, كتقرير المواسم المسرحية, خارج عن إرادتكم. الا تعتقد ان ذلك يظل في إطار المستطاع والمسيطر عليه بالنسبة للمسرحية التي تشرف عليها، في هذا النطاق الضيق ماذا يحول دون خلق روح العمل الجماعي؟
    • ظروف مديرية المسارح، فالمديرية تعمل بكوادر ناقصة، لا يوجد مهندس ديكور واحد مثلا، لا يوجد مصمم أزياء واحد، في هذه الحالة ماذا تعمل؟ أننا بلا شك نتعاقد مع أناس من خارج المديرية وهؤلاء ليسوا تحت سيطرتنا مما يفقد دور الجماعية في العمل، تصور ان خزيمة علواني وهو المختص الوحيد في الديكور المسرحي ترك العمل بسبب الخلاف على زيادة خمسين ليرة بالراتب، مع أنه استطاع أن يحصل من جامعة دمشق على راتب أعلى من ذلك بكثير وتحول الى مدرس جامعي.أننا – بلا شك – إذا ظللنا ننظر الى الفن ومجالات العمل الإبداعي نظرة وظيفية ونظرة مادية فلا يجب أن ننتظر إلا أن يتحطم كل شيء أمام هذه النظرة.

هاني الحاج

أسعد فضة: لا يمكن فصل الفن عن السياسة

الفنان الكبير أسعد فضة عرفناه ممثلا ومخرجا مسرحيا وتلفزيونيا ومديرا للمسارح والفنون، فكان في كل الأدوار التي أوكلها الى نفسه أو – أوكلت اليه – غاية في المهارة والذوق والإبداع

و إذ يتحدث هذا الفنان القدير يدرك السامع أن حديثه لا يقل أهمية عن كل أدواره السابقة , ذلك انه حديث المجرب العارف و المخضرم المثقف الذي قدم عصارة أيامه و جهده للفن وأعطى و لا يزال , وفي حواره حول التمثيل و الإخراج , المسرح , والتلفزيون ثمة مسائل ثقافية هامة قدمها عبر تلفزيون ” المستقبل ” و أكد من خلالها على أهمية السعي و المثابرة لخدمة المشروع الثقافي العربي ورأى أن الفن عموما يتجه الى الأمام , وقال بضرورة التجريب , و البحث و حسن الاختيار من قبل الفنانين لأعمالهم , وفتح المجال رحبا أمام جيل الفنانين الشباب الذين يشكلون دفقا جديدا للحركة الفنية و تطويرها , واستمرارها من أجل بعث الحركة الثقافية العربية متلازمة مع أهمية الجوانب الأخرى من مظاهر الحياة كافة .

تحدث عن الرغبة لدى الفنان، وأهمية قدرته على الاصرار والمتابعة ورأى أن الامكانات المتواضعة يجب ألا تشكل عائقا – كما أثبت الذين أرسوا قواعد المسرح في سورية وكان “أسعد فضة ” واحدا منهم.. أما بخصوص ذيوع الممثل وانتشاره فقال: ليس ذلك مطلبا لذاته، لأن تحقيق النوعية والتمايز هو الذي يشكل في النهاية القيم الفنية، وتجعل من الفنان صاحب موقف يتعارض مع الواقع من أجل مستقبل أفضل، وإذا كان كما يقال “الجنون فنون ” فإنه ينظر الى الجنون الفني على أنه تجسيد لذلك الصراع الدائم بين الواقع والحلم الذي يحمل توق الفنان للخلاص.. وهذا ما تتوالد عنه شرارة الإبداع , أما النجومية , فهي عرض زائل كما الانتشار , وعن حرية الفن و علاقته بالسياسية , يرى الفنان أسعد فضة أن الفن عالم رحب يتسع للجميع , ومن حق الفنان أن يمارس عمله بالأسلوب الذي يريد ويراه مناسبا لتطوير الحركة الفنية , فهو يؤكد على حرية الاختيار بما يحقق أهداف الفن , ومن جهة ثانية يقول بصعوبة فصل الفن عن السياسة  ” غير ممكن ” على اعتبار أن الفن موقف يعبر عن الذات , ويتواصل مع الآخرين , ويلتقي بشكل أو بآخر مع حلقات الاحتياجات الانسانية الأخرى , لكنه بنفس الوقت ينتقد الفن الذي يعتمد الخطاب السياسي المباشر و الاطناب لأن للثقافة عامة و للفن خصوصا مهمة أسمى , وذكر بهذا الصدد : إن العلاقات الثقافية عبر الأجهزة غير الرسمية قد تضاعفت مع مصر ابان اتفاقات ” كامب ديفيد ” قال : ساهمنا في الحفاظ على إبقاء مقر اتحاد الفنانين العرب في القاهرة و بتوجيه من السيد ” الرئيس حافظ الأسد ” لأننا نؤمن ان هذه الظروف السياسية طارئة ولم تكن معبرة عن طموحات الجماهير العربية , وهي بالضرورة الى زوال حتمي , و يمثل هذا الوضع ” الثقافة تصلح ما تفسده السياسية ” فهما على علاقة بشكل أو بآخر , العمل العربي المشترك مطلب ملح لهذا الفنان المبدع الذي قال : ان مثل هذا العمل يدغدغ مشاعر الفنانين العرب , ونتمنى أن يصار الى تحقيقه , هذه التمنيات التي أرسى قواعدها مهرجان دمشق المسرحي , فكانت دمشق ملتقى المسرحيين العرب و عطاءاتهم , وقد كرس تقاليد مسرحية وكان يؤسس للغة تفاعلية للمسرح العربي , أما عن توقفه : فإن ذلك يعود الى أسباب تراجع المسرح العربي و ليس لأي شيء آخر , و رأى أن الحلول الممكنة للخروج من الحصار على المسرح العربي تكون بإعادة النظر في التعامل مع المسرحيين و تقديم لوائح مسرحية مغرية على النحو الذي تقدمه مكنة التلفزيون , اضافة الى استيعاب مسألة هامة جدا وهي : أن العمل الفني لا يتم بأوامر إدارية , كما أولى للتنظيم قدرة مضاعفة على تسيير الأعمال و إنجاحها و التوفيق بينها , أسعد فضة يعطي الجمهور كل الاهتمام , فهو الغاية لكل عمل انساني لأجله قامت الفنون و له تعرض , و لذلك لابد من البحث المستمر عن أكثر الصيغ الفنية ملاءمة لذوقه .. يرى في الفانتازيا التاريخية.. وجهة نظر عصرية – وعلى حد تعبيره – إذا كنا لا نستطيع إعادة كتابة التاريخ فلم لا يتم استلهامه على نحو فاعل ومعاصر عن طريق الفنون. ” أسعد فضة ” في كل ما قاله , ينم عن وعيه و ثقافته واحاطته بكلمة فن , ” معنى ومبنى ” و ما ينضوي في طياتها من قيم انسانية نبيلة , استطاع أن يجسدها بملكاته الابداعية اخراجا و تمثيلا و إدارة جعلت منه فنانا متميزا عملا و قولا يجيد الدور الذي يضطلع به , ويضاف الى تجليات وعيه بأهمية الفن في حياة الشعوب , ايمانه بوجود الفنان الآخر الذي يعتبره ضرورة , وقديما قالت العرب في الاختلاف رحمة , وأسعد فضة يقول اليوم : في الاختلاف تطور , وجدة , و استمرار , أما انكار الآخر فإنه مؤشر إفلاس حقيقي , يقول : مساحة الفن ملعب رحب و يتسع للجميع .

أسعد فضة بطاقة فنية

    • خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة 1963 مع دراسة و اطلاع لمدة عام في فرنسا
    • ممثل و مخرج في المسرح القومي منذ عام 1963 و حتى اليوم
    • عمل مديرا للمسرح القومي بين عامي 1966- 1974 حيث يشغل منذ ذلك التاريخ مهمة مدير المسارح و الموسيقا
    • رئيس المركز الدولي للمسرح في سورية
    • مدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية
    • أخرج أعمالا عديدة للمسرح القومي منها:

الأخوة كارامازوف، دون جوان، سهرة مع أبي خليل القباني، دمشق انتظرناك والحب جاء، سيزيف الاندلسي، الملك هو الملك، مغامرة رأس المملوك جابر

مثل العديد من الأدوار الرئيسية في التلفزيون أهمها: أولاد بلدي، انتقام الزباء، بصمات على جدار الزمن، حرب السنوات الأربع، عز الدين القسام، الجوارح، العبابيد، وله أدوار سينمائية في عدة أفلام سورية، القلعة الخامسة، حبيبتي يا حب التوت، ليالي ابن آوى، المطاردة سوري سوفييتي مشترك.

عفراء مهيوب

نصوص عربية وعالمية في موسم القومي القادم

عندما تصبح الانجازات الفنية ميسرة و غنية وواضحة , فذلك يعني بالضرورة , ان المعادل الموضوعي الحياة الانسانية لسكان هذا البلد –  بلد الانجاز – بخير, وعندما نقول هنا مسرح , فإننا نقول هنا نهوض تعليمي , وتقدم اجتماعي , ولكننا اذا حاولنا القول بأن ال – هنا – موت المسرح , فهذه ال – هنا – تصب في حدود الموت و ضياع الدليل الفلسفي و الاجتماعي و الجمالي للثقافة و الحياة الثقافية , وما يحصل للمسرح في سورية أصعب من اطلاق حكم أخلاقي يتراوح بين الجيد أو السيء , فوضعه يتطلب دراسة هادئة تتخطى حدود الاستنتاجات السريعة و السهلة , ولكن هذا لا يعني بحال من الأحوال عدم الوقوف السريع مع ظواهر واضحة أشد ما يكون الوضوح .

من المعلوم , أن اسم المسرح في سورية ارتبط باستمرار بعجلة المسرح القومي , بحيث بات القومي هو معيار الحركة المسرحية العربية السورية , بغض النظر , عن بقية المسارح التي تتحرك في القطر , وان عاد هذا الى شيء , فإنما يعود للإسفاف الكبير الذي تعيشه مسارح القطاع الخاص من جهة , وللوضع الإعلامي الجيد المتوفر للمسرح القومي و لكن وفي كل الأحوال فلا المسرح القومي , ولا المسرح الخاص بقادرين على رفع مستوى المسرح أو المشاهد او حتى تطوير أساليب العمل المسرحي و بالتالي الرفع من سوية العروض التي يقدمانها , ولو حاولنا أن نطلب منهما أكثر من ذلك فسنكون مبالغين بمطلبنا , وبالتالي سنسقط في الشعارات الفارغة من مضمونها العملي , فالحركة المسرحية هي في المحصلة نتاج حضاري و جماعي , و لم يكفي لقيامها توافر صالة عرض أو فرقة مرخص لها بالعمل , أو نص جيد فالعلاقة معقدة و الدخول اليها متشعب واضاءات صغيرة على وضع المسرح السوري تؤكد قولنا باستثناء بعض الظواهر المسرحية التي لا تتجاوز حدود الارهاصات كالمسرح العمالي أو بعض أعمال التجريبي , وكمحاولة مكررة للمرة الألف حاولنا الدخول بحوار مع الاستاذ أسعد فضة مدير المسارح و الموسيقا في وزارة الثقافة لنتساءل عن الجديد في موسم القومي لهذا العام فأطلعنا على لائحة الأعمال التي يقدمها الموسم و هي خمس مسرحيات :

    • على جناح التبريزي, لالفريد فرج.
    • البورجوازي النبيل, لموليير.
    • والسندباد, لرياض عصمت.
    • والمفتاح ليوسف العاني.
    • وتجاجو لمروجك.

والاعمال من الاعمال المحلية والعالمية المعروفة، ولسنا في صدد البحث فيها لأن النص لم يكن في يوم من الأيام عرضا مسرحيا، وانما هو مجرد عنصر من عناصر العرض، ولكن السؤال المطروح هو ما الجديد في موسم القومي لهذا العام؟

يقول الاستاذ أسعد فضة:

أهم ميزات هذا الموسم النصوص الجيدة، والتهيئة الكاملة للعناصر سواء في خارج ملاك المسرح القومي، أم من داخله، اضافة للدقة في مواعيد تقديم العروض.

هل سيقتصر نشاط القومي على هذه العروض؟

بالتأكيد لا, فهنالك نشاطات عديدة سيقوم بها القومي في الموسم القادم منها الاحتفال ولمدة أربعة أيام تبدأ يوم 27 آذار القادم بيوم المسرح العالمي, اضافة لجولة بعروض مسرحية عدة الى المحافظات الذي سيبدأ في أيار, اضافة للمشاركة فيه و في الاسابيع الثقافية التي ستقام في تونس و الجزائر.

في حقيقة الامر لا نستطيع التنبؤ بما سيحدث في موسم القومي لهذا العام , ولكننا نستطيع أن نقول أن أخطاء الموسم السابقة تركزت في استهلاكية العروض و تقليديتها و تخطي الحياة نفسها لتلك العروض وما نأمله لهذه العروض التي احتيرت من النصوص العربية و العالمية , ألا تكتفي برفع شعار عالميتها كنصوص , و بالتالي أن يستطيع القومي توظيفها توظيفا فنيا متطورا , وأن تتوفر الخدمات المعقولة لرواد المسرح من دقة في المواعيد , واحترام للمشاهد و دقته , فليست المسألة مسألة تعداد عروض و إحصاء , بالقدر التي هي فيه تقديم تطور نوعي يضاف للحركة المسرحية في القطر و يغنيها ,واذا كانت العملية , عملية تخدير , فليست بحال من الأحوال تشكيك بالقومي أو انتقاص من امكانياته , ولكن ذاكرتنا تلح على استذكار تلك التحفظات التي عاناها مشاهدنا كثيرا , و ( غلطة الشاطر غلطة ) و الشاطر من بين مسارحنا هو القومي على الرغم من توفر مجموعة من الفرق من بينها كما ذكرنا سابقا العمالي و الجوال و التجريبي بالإضافة الفرق الخاصة , والتي تشكل بمجموعها حركة مسرحية وهنا لابد من التساؤل عن مصير هذه الفرق و تحديدا – الجوال – المسرح الذي وضع على عاتقه مهمة الخروج للأرياف وتقديم عروضه على الهواء الطلق .

وحول هذا يقول الاستاذ أسعد فضة.

هنالك اتجاه لتطوير هذا المسرح, وذلك عن طريق مده بعناصر جديدة من خريجي المعاهد, اضافة لتأمين عنصر نسائي جيد, وبهذه الحالة يمكن له أن يكون فرقة لها مقوماتها و شروطها الأساسية, متجاوزين وضعه الحالي و الذي يضم عناصر ضعيفة فنيا, وهذه العناصر ليست قليلة من حيث العدد, ولهذا فلم يكن أمامنا الا رفده بعناصر جديدة.

المسرح الجوال صيغة من صيغ خروج مسرحنا من قنينة دور العرض المسرحي , ومن تجاوز التقاليد لهذه المسارح , بالإضافة لاقتصاديته وإمكانيته  لمخاطبة الناس على أرضهم , والتوصل الى الأرياف و بالتالي المساهمة في خلق تحول ثقافي في ريفنا , غير أنه لم يكن فيما مضى على مستوى الطموح , حيث اكتفى بالأعمال الفنية الهابطة نوعيا , ففقدت عروضه سمة المسرح من جهة و خلفت عناصره من جهة أخرى , وفوق ذلك فقد تعذر عليه في الفترة الأخيرة الذهاب الى الأرياف و اكتفى بمراكز المدن مما ضيع هويته , وحجب عنه صفته الأساسية المتعلقة بالريف و القرى البعيدة , فهل سيبقى حاله على هذا الحال ؟ يقول الاستاذ أسعد فضة:

موضوع الريف يجب أن يدرس بهدوء, وطول بال, لأن العروض السابقة لم تكن مجدية, نتيجة الأساليب الخاطئة التي سار عليها – الجوال – و لكن اذا تجاوز أساليبه السابقة, من دراسة لمكان العرض و زمانه و طبيعة الجمهور فسوف ننتقل الى الريف و هذا ما سنفعله.

القومي و الجوال و غيرهما , مسارح تتخبط الى اليوم , فاقدة لهويتها الفنية , وعاجزة عن خلق و تعميق التقاليد المسرحية المتطورة و الفنية , بالإضافة للتواتر غير المعقول بين الصعود و الهبوط الذي يسيطر على هذه المسارح , ودراسة لطبيعة المسارح التي عرفها تاريخ الانسانية تقول لنا ان مسرح – الجيب – المصري , كان تحولا نوعيا في حياة المسرح المصري , فهو انقلاب من مسرح النجم الى مسرح المخرج , ومسرح الشارع الأمريكي , هو قفزة و كسر لجدران المسرح التقليدي واستسلابيته وكذلك حال المسارح القومية في مختلف انحاء الوطن العربي , واذا تساءلنا , ما الذي سيقدمه القومي لهذا العام , نجد مجموعة من الأعمال المهمة و الكبيرة و من بينها – تانجو – العمل الكبير الذي يقوم على الكوميديا و يجسد مفاهيم اليأس و الشعور بالنفي , ويشكل نفيا للواقع باتجاه واقع مشروع , – وتانجو – النص الذي الفه البولندي – مروجيك – هو عرض للمشكلة الحضارية لأوروبا و أزمتها الروحية  , سبق و أن قدمه مسرح الجيب المصري في الستينات و اخرجه نيل الألفي , واذ يقدمه القومي لهذا الموسم فتلك دلالة اختيار موفق و معقول ولكن هل سيصنع ملامحه بدقة المبدع ؟ هذا هو السؤال و لكن الاجابات تقول أن القومي يمتلك صالة معقولة في حين لم يكن للجيب صالة بمستوى صالة القومي , ولديه أجهزة متطورة ومن الأجهزة التي حدثنا عنها الاستاذ أسعد فضة , جهاز فيديو يساعد الممثل على اداء دوره , واستيعاب ملامحه وهذا ما لم يتوفر للجيب , بالإضافة لتواجد الكادر المتفرغ و الفني المختص , وهذ يقول لنا أن مسرحا تمتلك نصا عالميا و مخرجا متخصصا و تجهيزات كاملة , ما الذي يمنعه من تقديم العمل المعقول , نقول أن هذه مجموعة منى التساؤلات التي تأتي على صيغة تحفظات و بانتظار أول عرض من الموسم يكون الحكم الحقيقي على عروضه هذا العام .

نبيل الملهم – عمار مصارع

سعد فضة الفنان الذي لا يعترف بالهزيمة:

عطر الوردة يطفئ رائحة البارود

بانتظار عملاق الدراما السورية ونقيب الفنانين أسعد فضة في مديرية المسارح والموسيقى كان الحديث يدور بين زوجته الفنانة مها الصالح والمخرجة المسرحية رولا فتال وانا حول هموم الطفل العربي، سألت زوجته مها عن أكثر ما يميز الفنان أسعد فضة فوصفته بأنه حساس وفنان قدير..

وعندما وصل الفنان أسعد بادرته بالسؤال عما تعني له زوجته مها الصالح فلم يجب أكثر من قوله انها متفهمة لطبيعة عمله كونها تعمل في نفس المجال وهي كزوجة تدرك جيدا أهمية تهيئة كل الأجواء له لكي يعطي ويبدع فيما يتخلل أحاديثهما مناقشات حول الحركة الفنية ومشاريعهما المستقبلية ومن هنا انطلقنا سويا في هذا الحوار:

    • الناجحون يطعنون من الخلف. ما الذي دفعه الفنان أسعد فضة ثمنا لهذا النجاح؟
    • ليس بالضرورة أن يطعن الانسان من الخلف لكن من البديهي أن يستغل بعض ضعاف النفوس مشاغل الفنان فيثرثرون بما يضره لأنهم يعرفون الا وقت لديه للرد على مثل هذه الأقاويل.
    • الدراما السورية انتشرت عبر الفضائيات ماهي الدروس التي يمكن أن يستفيد منها الفنان السوري من هذا الانتشار ؟
    • انصح بعض زملائي الفنانين بأن يكونوا على مستوى هذه الدراما و الا يسيئون الى بعضهم البعض و ان يحافظوا على صورتهم نقية و ذلك بمتابعة ابداعاتهم بمنظور نقدي اذا ما ارادوا الاستمرار في هذا النجاح.
    • يقال ان الورد يهزم البارود. وهناك من يقول أيضا البارود لا يهزمه الا البارود.. ما رأيك؟
    • هذا يتوقف على من يحمل الورد و من يشعل البارود, فاذا كان حامل الورد قادرا على أن يجعل عطره يطغى على رائحة البارود, في هذه الحالة يمكن للورد أن يهزم البارود.
    • ماهي العقبات التي اعترضت مسيرتك الفنية ؟
    • هي عقبات طبيعية لم أجد صعوبة في تخطيها غير أن أكبر عقبة تواجه الفنان في مجتمعاتنا العربية هي فهم الجمهور لطبيعة عمله الفني سواء كان هذا العمل في مجال المسرح أو السينما أو الإذاعة و التلفزيون أو كان فنا تشكيليا. من هنا وفي ظل تطور مفاهيمنا الاجتماعية لم يعد الجمهور يشكل هاجسا للفنان كما لم يعد هناك ما يقلق الفنان من هذه الناحية الا في أضيق حدود لقد بدأ جمهورنا العربي يدرك أن عليه أن يساعد الفنان لا أن يكون عبئا عليه بتقييد حركته وتكبيله.
    • وأين تجد نفسك ؟
    • الفنان يجد نفسه في المكان الذي يستطيع الوقوف فيه سواء في المسرح أو التلفزيون أو السينما, وهذا يتوقف على طبيعة النص و الشخصية التي يجسدها الفنان.
    • كيف تنظرون الى الاعمال العربية المشتركة وما هو تقويمكم لها ؟
    • الأعمال العربية المشتركة هي بلا شك حلم كل فنان ذلك أن كل فنان عربي يتمنى ان يلتقي مع زملائه الفنانين العرب في عمل فني مشترك بحيث تتكامل فيه كل الخبرات و المواهب وهذا من شأنه أن يثري العمل الفني ولكن هناك ظروفا تتعلق بالإنتاج تختلف من بلد لآخر قد تعوق تنفيذ العمل بمعنى ان مثل هذا العمل المشترك لا يقدر عليه سوى المؤسسات الفنية الرسمية بوزارات الثقافة العربية بعيدا عن حسابات الربح و الخسارة وانما تحقيق هدف ثقافي فني وطني.
    • هل أنت راض عن جميع أعمالك الفنية ؟
    • بالطبع هناك أعمال لا يرضى عنها الفنان تمام الرضا بل إنه في بعض الأحيان يفاجأ بنتائج سلبية للعمل الذي شارك فيه في وقت كان يتوقع فيه النجاح و هذا لا يغضب الفنان فحسب بل يدعوه للرثاء.
    • متى يشعر الفنان أسعد فضة بالهزيمة ؟
    • هذه المفردة لا وجود لها في قاموس أسعد فضة وعندما أقول هذا فليس هناك أي نوع من المكابرة لأنني حقا لا أتعامل مع هذه المفردة على الأقل في الوقت الراهن أما في المستقبل فلا أدري كيف ستسير الأمور.
    • ومتى تشعر بنشوة الانتصار ؟
    • كلما قدمت عملا ولاقى نجاحا و إقبالا من الجمهور ذلك يضيف بعدا جديدا الى رصيدي في علاقتي بالجمهور
    • كنت متميزا في (الجوارح) و (الكواسر) وفي (الفوارس) ما سر هذا النجاح ؟
    • أولا أعتز بهذه الشهادة وليس في الأمر سر سوى جهد الفنان و تعبه و تطوير نفسه ثقافيا و فكريا مع العناية بلياقته البدنية.
    • متى تحاسب نفسك ؟
    • هذه النقطة دائما ما تشكل هاجسا بالنسبة لي ذلك لأنني شديد المحاسبة لنفسي حتى في أبسط الامور و أتمنى لو أتخلص قليلا من هذا الشعور حتى أخفف العبء على نفسي
    • ماهي الأدوار التي تعكس شخصية أسعد فضة ؟
    • معظم الأدوار فيها شخصية أسعد فضة و قليلة هي الأدوار التي لم أتعايش معها كما ينبغي.
    • كيف يذهب الفنان في (نقاهة) ؟
    • يذهب في إجازة الى البحر أو يتفرغ للقراءة و الاطلاع و ممارسة الرياضة و الاستماع للموسيقى و محاولة الابتعاد ما أمكن عن مشاكل العمل. المهم أن نبتكر نحن هذه النقاهة حسب وضعنا وظروفنا ومشاغلنا.
    • متى يضحك الانسان أسعد و متى يبكي ؟
    • أنا من النوع العاطفي و العاطفي جدا و دمعتي قريبة دائما و ذلك على الرغم من كمية الفرح في داخلي لكنني لا أستطيع أن أحدد بالضبط الموقف الذي يستنزل دمعتي فالمواقف كثيرة و متنوعة قد تكون دمعة فرح وقد تكون دمعة حزن أو شفقة أو رثاء.
    • ماذا تعني لك المرأة ؟
    • أقول بدون مبالغة تعني لي الحياة بكل أبعادها, تعني لي العطاء و الجمال و السكينة و الحب و الخير.
    • أخيرا ماذا تقول في الجمهور ؟
    • انهم الرئة التي نتنفس من خلالها نحن الفنانين و نأمل أن تبقى هذه الرئة سليمة و معافاة على الدوام.

تمتد قامة الفنان الكبير أسعد فضة ليعطي نموذجاً للفنان القادر على إعطاء كل شخصية يؤديها أبعادها المطلوبة وبما يؤكد قدرته على تلوين أدائه حسب الشخصية التي يتمثلها ويجسدها.

فهو الآن في شخصيتين إحداها تذهب بعيداً في التاريخ حيث يمثل الملك النعمان في (ذي قار) والثاني شاهدة على العصر في شخصية (عامر الدباس) الثري الذي يتكاثر الطامعون بثروته ويذهب ضحية هذا الطمع.

وكل شخصية يؤديها أسعد فضة تبقى في الذاكرة طويلاً فلا نزال نذكر ابن الوهاج في (الجوارح) وعجاج في (أبو البنات) وأبو كامل في (أبو كامل) ونذكر أيضاً أدواره في (بنت الضرة) و(الموت القادم إلى الشرق) و(العوسج) و(العبابيد) و(البواسل).

كما نذكر من قديمه (النهر الكبير، انتقام الزباء، الأميرة الخضراء، وضاح اليمن، عز الدين القسام، طبول الحرية، حرب السنوات الأربع، بصمات على جدار الزمن).

ولن ننسى أبو دباك في مسلسل (هجرة القلوب إلى القلوب) والطبيب الوالد الذي يريد لابنته الطبيبة أن تسير حسب ما يخطط هو لها في (الطبيبة) وأسعد فضة أيضاً من نجوم السينما الذين يشار إليهم بالبنان حيث أرى دور البطولة في عشرات الأفلام كان آخرها فيلم عبد اللطيف عبد الحميد (قمران وزيتونة) وكان قد وقف أمام كاميراه من قبل في (رسائل شفهية، ليالي ابن آوى) كما شارك في أفلام (القلعة الخامسة) (قصة شرقية) (حبيبتي يا حب التوت) وكما كان مجلياً في التلفزيون والسينما كان أسعد فضة مجلياً في المسرح حيث قدم عشرات الشخصيات التي أظهرت ممثلاً متمكناً ومخرجاً متألقاً فمثل في مسرحيات (شيخ المنافقين، الأخوة كارامازوف، دون جوان، عرس الدم، السيل، جان دارك، أوديب ملكاً) ووقف بمفرده في منودراما (يوميات مجنونة).

أما في الإخراج فنذكر له مسرحيات (لكل حقيقته، دخان الأقبية) السيل، التنين، السعر، الغريب، أيام سلمون، الملك هو الملك، المفتاح، وما نذكره هنا ليس سوى غيض من الفيض الكبير الذي متع به أسعد فضة جمهوره التلفزيوني والسينمائي والمسرحي وليبقى أسعد فضة قبل أن يكون نقيباً للفنانين فناناً كبيراً متألقاً وضع بصمة خاصة في الدراما العربية ومدرسة تعطي للأجيال القادمة من الفنانين نموذجاً يتمثلونه في مسيرتهم الفنية.

المخرج المسرحي السوري الأستاذ أسعد فضة مدير عام قطاع المسارح والموسيقى والفنون الشعبية بوزارة الثقافة السورية.. موجود هذه الأيام في البحرين في زيارة عمل.. بدعوة من وزارة الإعلام للتعاون مع مسرح الجزيرة لإخراج مسرحية (السعد) تأليف الكاتب المغربي أحمد الطيب العلج..

الفنان أسعد فضة من أبرز وأنشط الممثلين والمخرجين في القطر السوري الشقيق.. حيث قام بإخراج عدد من الأعمال المسرحية تتجاوز العشرين مسرحية، كما مثل أدواراً عديدة في المسرح والتلفزيون، والأدوار التي قام بتمثيلها كلها من الأدوار الصعبة مدور أوديب في مسرحية (أوديب ملكاً وأوديب في كولونا) لسوفوكليس، ودور (آل) في مسرحية (زيارة السيدة العجوز) لدورفات.. ودون جوان في مسرحية (دون جوان) لموليير..

ومن آخر أعماله الفنية في مجال الإخراج المسرحي هي مسرحية (الملك هو الملك) تأليف الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس التي عرضت في دمشق ابتداءً من أول شهر نوفمبر 77(تشرين الثاني) والتي لا تزال تعرض حتى الآن.

وفي قاعة النشاط بمقر كشافة البحرين.. حيث يجري مسرح الجزيرة بروفات الحركة على مسرحية السعد.. كان لنا هذا اللقاء مع ضيف الفن في البحرين.. تحدث فيه عن زيارته للبحرين قائلاً..

    • من خلال التقائي في ندوات مهرجان دمشق للفنون المسرحية هذا العام كان هناك تأكيد على تبادل الخبرات بين الأقطار العربية. وطلب مسرح الجزيرة من وزارة الثقافة في سوريا أن أتعاون مع المسرح في إخراج عمل للمسرح خلال هذا الموسم.. وطبعاً وافقت الوزارة، كما رحبت أنا شخصياً بهذه الخطوة وبذلك ننقل ما يدور في اللقاءات المسرحية العربية من توصيات وأماني إلى المجال العملي، والآن أقوم بالتدريبات مع مسرح الجزيرة على مسرحية (السعد) والتي ستعرض خلال الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر الحالي.. وهذه الخطوة صورة صادقة لتعاون المسرحيين العرب خاصة وأن الكاتب مغربي والمخرج سوري.. والفرقة من البحرين.. إنها خطوة لتفاعل الخبرات التي يحتاج إليها مسرحنا العربي أمس الحاجة.
    • ما هي انطباعاتك عن المسرح البحريني؟
    • من خلال العروض التي قدمها المسرح البحريني في مهرجان دمشق نشعر بأن هناك جهوداً صادقة لخلق حركة مسرحية جادة في البحرين، ولكن لكل مسرحية مقوماتها، ولابد أن تتوفر لها الإمكانات المطلوبة، وعلى المسرحيين في البحرين أن يوفروا لحركتهم المسرحية مقوماتها والإمكانات الضرورية وبما يمكنهم من السرعة.
    • المسرح في الخليج.. أين تضعه من المسرح العربي؟
    • مع أني لا أحب التحديات الصارمة في مجال تصنيف المسارح في الأقطار العربية، إلا أننا إذا استثنينا الخطوة المتقدمة التي حققها المسرح في الكويت خلال السنوات الأخيرة. نستطيع القول بأن المسرح في الخليج لا يزال في بداية الطريق.. وفي رأيي يمكن أن تكون هذه النقطة ميزة للحركة المسرحية في الخليج، إذا استفادت هذه الحركة الشابة خلال مسيرتها من تجربة بعض المسارح الأخرى التي تيبس الدم في عروقها.
    • ما هي أزمة المسرح العربي؟
    • لعلك تذكر أن هذا السؤال كان موضوع ندوة مهرجان دمشق المسرحي للعام الماضي والتي وامتدت لمدة ثلاثة أيام وشارك فيها مسرحيون من جميع الأقطار العربية. وأعتقد أنه من الإجحاف الإجابة عن مثل هذا السؤال في لقاء سريع كهذا، إذ يحتاج الموضوع إلى بحث مطول يتناول مشاكل المسرح المتعلقة بالمخرجين والممثلين والكتاب والفنيين ودور العرض والجمهور، كما يتناول المناخ الفكري والسياسي والاجتماعي الذي يعيش فيه المسرح العربي كذلك علاقة المسرح بوسائل الإعلام الأخرى كالإذاعة والتلفزيون.
    • ما الذي قدمه المسرح السوري للمسرح العربي؟
    • أي حركة مسرحية في أي قطر عربي هي امتداد للحركة المسرحية العربية ككل ومكملة لها. فإذا أدركنا ما حققته الحركة المسرحية في سوريا للمسرح والفنان من تشريعات لحماية الفنان وخلق المناخ العلمي لعلمه ومنشآت فنية يستطيع من خلالها أن يعبر عن نفسه وقضيته بوضوح، وما تقدمه للمسرح العربي من خلال مهرجان دمشق وغيره من اللقاءات المسرحية، أدركنا جدية هذه الحركة المسرحية وتفاعلها مع المسرح العربي.
    • بماذا تعرف المسرح؟
    • عندما تتجه بالتفكير إلى تعريف المسرح. غالباً ما يأتي التعريف قاصراً على الإحاطة بمفهوم المسرح وإبعاد معالمه. مهما كان نوع التعريف كأن يقول مثلاً المسرح جامعة شعبية أو غير ذلك من التعريفات، لأن عصرنا الحاضر – عصر العلم – الذي أحدث تحولاً كبيراً في عالمنا إذ سيطرت روح العلوم الجديدة على الحياة الإنسانية هذا العصر بمعطياته الجديدة أثر على المفاهيم الجديدة للمسرح.

وإذا كان من قول في هذا المجال فنستطيع أن نقول إن المسرح على اختلاف وجهات النظر في تعريفه أو فهمه، لا يمكن أن يتوجه إلى فئة خاصة من الناس بل إلى الجماهير الواسعة العريضة ليعكس صوراً صادقة فعالة عن الواقع الذي تعيشه بقالب فني وبما يتوخاه المسرح من متعة وتسلية.

    • وماذا عن مهرجان دمشق المسرحي القادم؟
    • موعد انعقاد مهرجان دمشق المسرحي القادم في موعده المعتاد من 1 إلى 15 أيار (مايو 1978). أما نظامه فهو النظام المعروف في كل دورة مع مراعاة إمكانية استضافة جميع الفرق العربية المشاركة طيلة أيام المهرجان وتخصيص عرض خاص من عروض كل فرقة للفنانين المشاركين والأدباء وقد يكون العرض الأول.
    • المسرح التجاري في سوريا.. هل استطاع أن يعبر عن معاناة وآمال وتطلعات المسرح السوري؟
    • لا يمكن لأي مسرح تجاري بالمفهوم المتعارف عليه لكلمة – تجاري – أن يعبر عما ذكرته. أما إذا كان المقصود نشاط القطاع الخاص في مجال المسرح، فإن هناك نشاطات مميزة وهي وجه من أوجه النشاطات في المسرح السوري وما يعكس المسرح السوري هي الحركة المسرحية ككل.
    • ما هي الصيغة التي تراها مناسبة للنهوض بالمسرح العربي؟
    • لا أسمح لنفسي بالتنظير للمسرح العربي، وعلى كل قطر عربي أن يبحث عن الصيغة التي يراها مناسبة للنهوض بمسرحه من خلال معطيات وواقع الحركة المسرحية لديه.
    • ما هي آخر أعمالك الفنية في مجال التمثيل؟
    • في مجال التمثيل على خشبة المسرح كان آخر أعمالي دوري في (يوميات مجنون) حيث إن المسرحية تقوم على ممثل واحد فقط، وقدمت في مهرجان دمشق المسرحي لهذا العام. والمسرحية من تأليف جوجول، وإعداد سعد الله ونوس وإخراج فواز الساجر.

وفي التلفزيون آخر دور قمت به دور (زبداي) في مسلسل انتقام الزباء تأليف محمود دياب وإخراج غسان جبري. وأدوار متنوعة في مسلسل (الطريق إلى مكة) تأليف فواز الشعار وإخراج شكيب غنام.

أسعد فضة.. حاضر دائماً

ارتبط اسمه بالمسرح في سورية ارتباطاً وثيقاً لأكثر من ثلاثة عقود كان خلالها ممثلاً وكاتباً ثم مديراً لدائرة المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة، منذ العام 1974 ولغاية العام 2001، ورغم تبعات وأعباء هذه المهمة وغلبة الجانب الإداري أحياناً على الجانب المهني والفني إلا أن الأستاذ أسعد فضة لم ينقطع عن العمل الفني ولم يغب عن المهرجانات والفعاليات المسرحية سواءً في سورية أو في البلاد العربية والأجنبية.

تخرج الأستاذ أسعد فضة من المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة في العام 1963، حيث حصل على دبلوم المعهد العالي –  قسم الإخراج والتمثيل وبعد أعمله في وزارة الثقافة مخرجاً وممثلاً وأوفد إلى فرنسا في العام 1966 في دورة اطلاعية وكلف في العام 1968 برئاسة المركز الدولي للفنون المسرحية وأصبح نقيباً للفنانين في سورية في انتخابات نقابة الفنانين التي جرت قبل عامين من الآن. وتستمر رئاسته لها لغاية العام 2000 وهو يشغل منصب نائب رئيس الاتحاد العام للفنانين العرب.

من أعماله الإخراجية للمسرح:

الأخوة كارمازوف، دون جوان، عرس الدم، دخان الأقبية، التنين، السيل، الملك العاري، الغريب، السعد، أيام سلمون، سهرة مع أبو خليل القباني، دمشق انتظرناك وإلى جاء، سيزيف الأندلسي، المفتاح، رقصة التانغو، حرم سعادة الوزير، عيد الشحادين، براويظ.

 ومن تأليفه وإخراجه: حكاية بلا نهاية، حكايات ريفية، وقد أخرج لفرقة المسرح الوطني في فايمار مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر ومسرحية السعد لفرقة الجزيرة في البحرين.

وقد برز الفنان الأستاذ أسعد فضة في أدوار مسرحية هامة، سحر في الأدوار التي أداها في مسرحيات: شيخ المنافقين، الأخوة كارمازوف، دون جوان، عرس الدم، الشرك، المأساة، المتفائلة، السيل، وفاة بائع جوال، زيارة السيدة العجوز، جان دراك، وأديب ملكاً، عيد الشحادين، يوميات مجنون، والأخيرة عمل مونودرامي: أي عمل يؤديه ممثل وحيد. ويعد الأستاذ أسعد فضة من نجوم الصف الأول في الأعمال التلفزيونية إن على مستوى سورية أو مستوى الوطن العربي وله أعمال كثيرة ويؤكد بصمته الفنية المميزة.

جمال عبود

    • كيف نفسّر الطابع الشخصي للمخرج المسرحي؟!
    • الى أي حد يمكن للمخرج أن يتصرف بحرية من خلال دوره؟!
    • تلتقي الصفحة الفنية من حين لآخر ببعض الفنانين، وتسمع آراءهم ووجهات نظرهم بالفن، وبدور الفنان.. وبعلاقته بالجمهور..
    • واليوم لقاؤنا مع المخرج المسرحي أسعد فضة خريج المعهد العالي للفنون المسرحية من القاهرة.. سبق أن قدم للمسرح القومي عدة أعمال منها: الأخوة كارامازوف ودون جوان، ولكل حقيقته.
    • ما هو الاسلوب الذي تتبعه عادة في عملية الاخراج؟
    • هناك مدارس عديدة في الاخراج كما أن هناك مدارس عديدة في بالنسبة لأدب المسرح , أنا شخصيا لا أحب أن أحدد أسلوبي بنوع معين , فإذا كانت المسرحية كلاسيكية من الممكن أن أعالجها بأسلوب كلاسيكي صرف ومن المحتمل أيضا أن أعالجها بطريقة حديثة كما يملي علي احساسي بالنسبة للنص فمثلا : مسرحية الأخوة كارامازوف يمكن معالجتها بأسلوب كلاسيكي , ومسرحية دون جوان أيضا مسرحية كلاسيكية و المعترف عليه أن الحركة الكلاسيكية و الأداء الكلاسيكي لهما طابع خاص , و أنا شخصيا لا تعجبني الحركة الكلاسيكية ولا الأداء الكلاسيكي , وهي الوسيلة المعبر بها عن النص لذلك عندما أريد إخراج نص كلاسيكي فإنني أحاول قدر الإمكان الابتعاد عن الحركة و الإلقاء الكلاسيكي ولا مانع من الاحتفاظ بالإطار المادي الكلاسيكي كما فعلت في دون جوان , و احيانا يمكن معالجة المسرحية بطريقة رمزية و ليس من الضروري التقيد أو الاغراق في الرمز الى حد يصبح فهم المسرحية عسيرا بالنسبة للجمهور ككل , فلا مانع من التوفيق بين الرمز و الواقع كما حدث ذلك في مسرحية ( لكل حقيقته ) و الخلاصة أن الإخراج هو وجهة نظر في العمل الفني , ومن حق المخرج أن يقول اي وجهة نظر في العمل الذي يتصدى له .
    • من خلال تجربة المسرح القومي.. ما رأيك بالجمهور والى أي مدى يمكنه أن يتقبل العمل المسرحي بأنواعه؟
    • أعتقد أنه أصبح لدينا جمهور مسرحي واع جدا و يتفهم العمل بأحاسيس صادقة وقد لاحظت أنه يصيب في كثير من الأحيان في كلمة على العمل الفني , قد يقول لك أن هذا جيد وهذا غير جيد دون أن يدري لماذا هو جيد أو غير جيد , والسبب أنه يحكم بإحساسه على ما يرى , وأنا عندما أقدم عملا من المفروض بديهيا انه يقدم لجمهور ومن حق هذا الجمهور أن يتفهم كل ما يراه حتى لو اقتضى الأمر أن أبسط له بعض الأشياء التي يتعسر عليه فهمها و نخرج من هذا بنتيجة أن العمل الفني لا يجوز أن يتقوقع على نفسه , بل يجب أن ينقل الى الجمهور واضحا جلّيا .
    • هل سبق وأن استفدت من رأي الجمهور بإحدى المسرحيات التي اخرجتها؟
    • كنت قد ذكرت ان الاخراج هو وجهة نظر في العمل الفني , ويجب أن يتقيد بوجهة النظر هذه كافة العاملين في المسرحية , ومن حق الجمهور أن يعجبه هذا أو لا يعجبه ولكن ليس معنى هذا أنني اغير في المسرحية أثناء عرضها حسبما يرى الجمهور و إلا أصبحت المسألة مشكلة ليس لها حل و لذلك لا يغير رأي الجمهور من المسرحية في شيء , و المسرحية عبارة عن لوحة من الصعب جدا أن تخرج هذه اللوحة كاملة من جميع الوجوه , لنفرض أن المسرحية عرضت في فترة ما ثم أعيد غرضها ثانية بعد مدة من الزمن , فلا شك أن المخرج في هذه الحالة سيحاول أن يتدارك كل ما لم يستطع تداركه في المرة الأولى من وجهة نظره طبعا ..
    • الى أي مدى تسمح للممثل أن يتصرف بحرية من خلال الدور المسند إليه؟
    • هناك خطوط رئيسية للشخصية يضعها المخرج و يتفق عليها مع الممثل في حدود هذه الخطوط الرئيسية لا أسمح للممثل أن يخرج عنها, ولكن هناك اشياء صغيرة نستطيع أن نسميها أشياء خاصة بالممثل نفسه فلا مانع للممثل من وضع هذه اللمسات الصغيرة في الدور الذي يؤديه, ومن خلال التمارين يرى المخرج هذه اللمسات, فيبقى على ما يراه يخدم الخط الرئيسي للدور, و يلغي ما يراه غير مناسبا, اذن على الممثل أن يتقيد بالدور كما يرسم له تقيدا تاما.
    • هل تنفذ الشخصية كما يرسمها المؤلف تماما.. وما هو مدى تصرفك الشخصي في خلقها؟
    • ليس من الضروري ان انفذ الشخصية كما رسمها المؤلف تماما فقد يعطيني المؤلف صفات فيزيولوجية معينة للدور قد لا أراها سليمة في بعض الأحيان او قد لا يتوفر الممثل الذي تنطبق عليه هذه الصفات , في كلا الحالتين أرسم للشخصية الملامح التي أراها تنسجم مع بقية الشخصيات و تنطبق على الشكل الفيزيولوجي للمثل الذي يلعب الشخصية , هذا من الناحية الفيزيولوجية , أما من الناحية الفكرية فأنفذ الشخصية كما رسمها المؤلف , ولا مانع من التصرف بحيث لا يؤثر هذا التصرف على المفهوم العام للشخصية بحيث يصبح نوع من التناغم بين الشكل و المضمون .
    • لاحظت أنك استشهدت بمسرحية الأخوة كارامازوف ودون جوان ولكل حقيقته فلماذا؟
    • باعتبار الحديث شخصي فيستحسن ان استشهد بالأعمال التي قمت بها لأنني عندما استشهد بمسرحيات أخرى يكون هذا رأي و ليس رأي القائم بهذه الأعمال.
    • هل من الممكن أن تعطينا فكرة عن قيمة التعاون في المسرح ومدى أهميته؟
    • العمل المسرحي عمل جماعي و لذلك فالتعاون أساسي و ضروري و هام و عندما يفقد التعاون بين العاملين في المسرح تستطيع أن تقول على المسرح السلام , ولا يمكن أن يتم التعاون بدون محبة و تفاني من قبل العاملين في المسرح و لأضرب لك مثلا , لنفرض أن هناك ممثلين على المسرح في مشهد تراجيدي وفي المشهد شخصية كوميدية , فإذا لم تتوفر المحبة بين هؤلاء الممثلين التي تدفعهم الى التعاون و الإخلاص يستطيع الممثل الكوميدي أن يشوه المشهد التراجيدي الذي يلعبه زميله ببعض الحركات المصطنعة من عنده , هذا مثل يمكننا تطبيقه من عامل الديكور الى عامل الاكسسوار .
    • كتبت مقالات كثيرة حول مسرحية لكل حقيقته واختلف النقاد في آرائهم فما رأيك في هذا الموضوع؟
    • قبل أن أتكلم أي شيء في الموضوع أحب أن أؤكد انني لم الق بالا الى كثير مما كتب , هناك بعض الناس المخلصين لقضية المسرح يتحدثون عن المسرحية و يذكرون مالها و ما عليها ولكن هناك البعض الآخر الذين يناطحون بقرون من عجين بأسماء سارتر و بيراندللو يأتي أحدهم ليقول سارتر كذا و كذا و بيراندللو تتلخص فلسفته من وضع دينا حذاءها على المائدة في مسرحية لكل حقيقته و هذا ما ذكره بعض من ملأ فراغا في صفحة جريدة بشكل يثير الضحك ثم يأتي آخر ليقول نفس الكلام ثلاثة ممن كتبوا عن المسرحية رددوا نفس العبارات فلان يحاول أن يقلد فؤاد المهندس , أسعد فضة قلب المسرحية الى مسرحية هزلية و آخر يعتب علينا لأننا لم نستطع ” مس الوتر الحساس فيه ” و قس على ذلك من هذا الكلام .
    • وأحيانا كثيرة يقولون إن الكاتب الفلاني يريد كذا وكذا في مسرحيته لكن المخرج لم يظهر هذا، ومع الأسف يكون ما يقولوه مؤكدا بشكل متخم في المسرحية، لكنهم إذا ذكروا الحقيقة لا يبقى مجال لاستعراض العبارات الفلسفية التي نحن بأمس الحاجة اليها.
    • أريد أن أقول شيئا ان أحدا لم يقرأ المسرحية على الإطلاق والدليل على ذلك انني حذفت من مسرحية لكل حقيقته ثلاثة شخصيات ثانوية جدا لو وجدت في حذفها ما يؤثر على النص كنت قد ابقيتها طبعا،
    • هذا من وجهة نظري، ولكن ألا يمكن أن يكون هذا خطأ مثلا، هل هناك من ذكر هذا اليس هذا شيئا مهما بالنسبة لمن يكتب عن المسرحية؟
    • هناك من ذكر أننا نشوه الأعمال العالمية في المسرح القومي، أنا اقترح على هؤلاء القيمين على هذه الآداب أن يرفعوا علينا دعوى الى محاكم ابراجهم الفكرية ويحموا هذا التراث من معاولنا الرهيبة..
    • المسرح للجمهور.. وليس لفئة معينة من الناس.. ويجب أن يخاطب كل الناس فهو جزء من الناس.. ويحكي قصصهم.. ويروي حياتهم ويعبر عنهم كلهم..

الدراما السورية سفيرة حقيقية للمجتمع وليست طفرة

أسعد فضة: الماغوط ورّطني في ” حكايا الليل والنهار “

حوار: جمال آدم

عمل الممثل أسعد فضة نقيب الفنانين السوريين كممثل و مخرج في المسرح فقدم أعمالا هامة منها ” جان دارك ” ” يوميات مجنون ” و ” أيام ميسلون ” و ” حرم سعادة الوزير ” وقدم أعمالا لافتة في السينما السورية ك” القلعة الخامسة ” و ” ليالي ابن آوى ” و ” رسائل شفهية ” كما ساهم في التلفزيون بالعديد من الأعمال الهامة مثل ” حرب السنوات الأربع ” و ” العوسج ” و ” أبو كامل ” و ” الجوارح ” و ” الموت القادم الى الشرق ” و ” نزار قباني ” و حصل فضة على جائزة أفضل ممثل دور تاريخي عن مسلسل ” العوسج ” في مهرجان القاهرة للإذاعة و التلفزيون , ومنحه مهرجان دمشق السينمائي جائزة أفضل ممثل عن فيلم ” ليالي ابن آوى ” كما منحه مهرجان القاهرة للإذاعة و التلفزيون جائزة تقديرية عن دوره في مسلسل الجوار قبل ذلك .

ولا يختلف اثنان من الفنانين السوريين على أهمية ما قدمه فضة للحركة المسرحية والتلفزيونية السورية، وهو يختزن الكثير من الذكريات عن مراحل متعددة مر بها الفن في سوريا، وقبل أن نبدأ حوارنا معه ألمح الى امكانية إعادة إحياء تلك الذكريات عن طريق كتابة المذكرات، ولكن المشروع حسب ما قال لم يكتمل حتى الآن.

التقيناه في هذا الحوار، وسجلنا إجاباته عن اسئلتنا التي تأتي قبل أيام قليلة من انطلاقة الدورة الجديدة لمهرجان دمشق المسرحي الذي يعتبر فضة مؤسسا له.

    • يبدو أنك أعطيت لنفسك فرصة للاستراحة في شهر الصوم الكريم من عناء المسلسلات التلفزيونية.
    • كنت اتمنى أن أرتاح قليلا ولكن يبدو أن أعباء العمل في التلفزيون لا ترحم، وقد أنهيت تصوير عملين لشهر رمضان هما ” التحولات ” عن نص للشاعر مفيد خنسة واخراج عصام موسى و   ” انتقام وردة ” للكاتب محمود عبد الكريم والمخرج محمد رجب، والعمل من انتاج شركة الفنانة جومانة مراد، وللأسف لم يعرض مسلسل “حسيبة ” الذي قمت ببطولته عن رواية الكاتب الكبير خيري الذهبي واخراج عزمي مصطفى وبانتظار أن يعرض.
    • كنقيب للفنانين السوريين, كيف ترى حال الدراما التلفزيونية السورية لهذا الموسم ؟
    • الدراما السورية حققت نجاحات كبيرة هذا العام، وهي نجاحات على الصعيد الشعبي والإعلامي وهذا أمر لطالما سعت إليه هذه الدراما، ولست وحدي سعيدا بهذا الانجاز بل كل السوريين سعداء بهذا، ولا أبالغ إذا قلت إن الدراما السورية صارت سفيرة حقيقية للمجتمع السوري، وهي صناعة رائجة بكل ما تحمله هذا الكلمة من معنى، واللافت للنظر في هذا الموسم أن هناك دماء شابة دعمت بقوة مسيرة هذه الدراما.
    • كنت قد دافعت عن الدراما السورية في السابق على أنها ليست طفرة و لن تكون بالنظر الى تاريخ هذه الدراما, هل ما زلت مؤمنا بما تصديت للدفاع عنه في ظل ما عرض و يعرض ؟
    • طبعا ما زلت متمسكا برأيي , الدراما السورية هي تطور طبيعي لنشأة الدراما السورية , ولو عدنا بالذاكرة الى الوراء , لوجدنا أن التلفزيون انطلق من المسرح , وترافقا معا بخلاف بعض البلدان التي طغى فيها التلفزيون على المسرح , إضافة الى أن الفنانين , نشأوا في المسرح , و انتقلوا الى التلفزيون , لذلك بقي المسرح حيا , و الدراما التلفزيونية منذ بداياتها شهدت تطورا رائعا ولا تزال في الذاكرة مسلسلات عالقة مثل “السيرة الهلالية ” و ” أسعد الوراق ” و ” القصر ” و “انتقام الزباء ” وقد انتجت بمرحلة الأسود و الابيض في السبعينات , ولا تزال تعرض في المحطات العربية الى الآن , وفي مرحلة الثمانينات , و مرحلة البث الملون طرأت عليها تطورات مهدت لدراما التسعينات التي نشاهدها الآن .
    • قبل شهر رمضان عرض لك التلفزيون السوري مسلسلا من بطولتك هو ” حكايا الليل و النهار ” للمخرج علاء الدين كوكش لكنه لم يلق النجاح والاهتمام اللائق باسم صاحب أفكاره الراحل محمد الماغوط, هل أنت نادم على قيامك بالعمل في هذا المسلسل ؟
    • لست نادما على المسلسل، وأنا لا اندم على عمل أقدمت عليه في حياتي، ولكن المسلسل كان دون الطموح المطلوب، ووافقت على تمثيله بناء على طلب الصديق الراحل محمد الماغوط ولولاه لما فعلتها، ويبدو أن الجزء الثاني من “حكايا الليل ” العمل الجميل الذي قدم في ستينات القرن الماضي لك يكن بمستوى العمل الأول.
    • هل ستدخل في انتخابات مجلس نقابة الفنانين لهذا العام لتكون النقيب للدورة الثالثة على التوالي ؟
    • لا أعتقد أنني سأقوم بهذا الأمر لاسيما أنني أنا من طرح أن العمل في النقابة يكفي لدورتين اثنين من أجل ترك المجال أمام الوجوه القديرة والقادرة على أن تقوم بدورها في مجال العمل النقابي، ونقابة الفنانين في سوريا بشكل عام تسعى لتجديد دمائها بقيادات جديدة من أجل أن تحافظ على شبابها مع الحرص على وجود الوجوه الكبيرة المعروفة والتي تمتاز بالخبرة والوعي في العمل النقابي.
    • كرمت في عدة مهرجانات وفي العديد من المدن العربية و لكن يبدو أن هناك تكريما خاصا بك جرى في مسقط رأسك في مدينة اللاذقية وقد تم إطلاق اسمك على صالة مسرح هناك كيف تنظر لهذا التكريم ؟
    • عندما يكرم الانسان في بلده فإن لهذا طعما مختلفا تماما عما يحدث في الخارج، فكيف إذا كان التكريم في مدينته أو بلدته وبين ناسه وأهله، هذا التكريم يحملني مزيدا من المسؤولية للاستمرار في العطاء، وبذل المزيد من الجهود لتقدم الفن السوري خصوصا والعربي عموما، وأرى هذا التكريم بمثابة دعوة للعودة الى المسرح، لأن التلفزيون يحظى بوقتنا كله فكان لابد من إعطاء المسرح حقه ودوره المتميز في إبراز الوجه الفني والثقافي العربي.
    • مهرجان دمشق المسرحي في دورته الجديدة على الأبواب, والمعروف أنك كنت أحد المؤسسين لهذا المهرجان ما الكلمة التي توجهها للعاملين في هذه الدورة ؟
    • المسرح فن لا يقبل أنصاف الحلول ولا يقبل الضحك على الذقون، وباعتقادي أن هذه الدورة ستكون جيدة قياسا بالتحضيرات الهامة التي قامت بها وزارة الثقافة والإدارة العامة للمسارح والموسيقى، وهناك عروض عربية كبيرة وأسماء عربية هامة جدا تلتقي في هذا المهرجان الذي عاد بعد انقطاع طويل.
    • ولكن ثمة من قال أن دورة العام الماضي لم تكن ناجحة و قد يخشى أن يتكرر السيناريو ذاته هذا العام ؟
    • الحديث عن النجاح والفشل هو حديث عام ويختلف من شخص لآخر وبالتالي اعتقد أن اعادة بناء هذا المهرجان بعد إطلاقه من جديد يحتاج الى الجهود الواعية والصادقة وإذا تعثر ببعض الخطوات لا يعني أنه فشل، أو لم ينجح.

أسعد فضة من سيريانيوز:

من حيث المبدأ أنا ضد الرقابة ومن المفروض ألا نتكلم عنها، أنا دائما أقول إن القفز فوق خشبة المسرح ليس في صالح الفنان..

عندما طلبت من نجمنا لهذا الاسبوع أن يقدم نفسه لقراء سيريانيوز، أجاب وعلى الفور انه من مواليد اللاذقية التي يفخر أنه منها، مضيفا أن البحر أعطاه الكثير من الصفحات الجميلة التي اتصف بها، وبعد ان قابلت فناننا القدير لمرتين متتاليتين أدركت فعلا كم أن هذا البحر الكبير الذي لا يشيخ

أبدا قد أعطاه من تجدده وشبابه الدائم.

النجم أسعد فضة حل ضيفا عزيزا على سيريا نيوز وكان معه اللقاء التالي:

لماذا جميع أدوارك في طرف الخير أي لم نرك في أي دور من أدوار الشر أو السلبية حسب علمي

ان معظم الادوار التي أديتها خيرة وايجابية لكنني بالمقابل أيضا قدمت شخصيات سلبية كثيرة

لكن الاغلب كان لأدوار الخير، لكن أنا لا أتقصد الاختيار بل المخرجين يرون أن التركيب الفيزيولوجي والنفسي والثقافي ومجمل شخصية أسعد فضة تصلح لهذه الأدوار والقيادية بالتحديد أكثر من الأخرى

بعض الفنانين يخشون من أداء الأدوار السلبية خوفا من ردة فعل الجمهور هل تؤمن بهذه الفكرة؟

لا أبدا ليس عندي هذا التفكير أو التخوف أبدا، فمثلا شخصية “أبو دباك” في هجرة القلوب للقلوب لم تكن ابدا خيرة ومع ذلك

أحبته الناس وأحبوا الممثل في هذه الشخصية وهنا يجب أن نفرق بين شيئين اننا إذا اعطينا ” أسعد ” دور شرير ستحبه الناس لأنها ستحب اسعد فقط، لا أبدا الفكرة أن الناس أحبت أسعد فضة في دور الشرير وحتى لو كانت شخصية ايجابية أيضا

لماذا أنت غائب عن الساحة الفنية؟ ننتظرك بأعمال شامية مثل أبو كامل.. وشكرا لك “عفرا – سوريا”

الحقيقة سبب غيابي هو أن طبيعة الاعمال هي التي تحدد مشاركتي او عدم المشاركة، وبالفعل في الفترة الاخيرة كنت مقلا في أعمالي فقد شاركت في مسلسل حسيبة فقط

ولكن هذا العام كان لي مشاركة في ” اسأل روحك ” بخمس لوحات بالإضافة الى مسلسل بعنوان قمر بني هاشم

وهناك عمل ضخم كتبه وزير الثقافة د. رياض نعسان آغا وأمثل فيه 450 مشهد

لماذا لم يمتهن أحد من ابناءك مهنة الفن أسوة بالفنانين الآخرين مع حبي وتقديري لفنك الراقي؟ “أبو العز – السعودية “

أنا لدي ابنة وحيدة أحبت أن تدرس مهندسة معمارية وربما من خلال اطلاعها على معاناة والديها من حيث العمل المتواصل والمضنى “هربت” من المهنة

هل ستشارك في أعمال مصرية مثل التيم حسن وجمال سليمان في حال كان العرض المالي جيدا؟ وما رأيك بمن اتجه للعمل في مصر؟ Ala’a – Syria 

أنا ارى أن هذا الموضوع طبيعي جدا وأنا شخصيا تعاونت مع المصريين في الثمانينات عندما كنا نصور في أثينا أعمال مشتركة وآخر عمل صورته قبل هذا التوجه مؤخرا مسلسل الطارق الذي اشترك فيه فنانين سوريين ومصريين فنحن منذ زمن بعيد نتوجه الى هذا التعاون فلماذا يرونه الآن غريبا

بالفعل لماذا برأيك أثيرت هذه الضجة الآن فقط.. ولم تكن كذلك من قبل؟

برأيي أنها عملية دعاية وترويج للعمل لا أكثر ولا أقل حتى الذين حاربوا هذا الامر من إخواننا المصريين أراه نوع من التسويق من خلال محاربة هذا التوجه الذي هو صحي وجيد ولصالح الحركة الفنية بشكل عام، ثم ان خمسين بالمئة من أعمال السينما المصرية صورت في سوريا ولبنان

فهذا العمل الفني المشترك طبيعي ولا أرى ان هذه الضجة المثارة حوله في محلها، ويجب أن نجد اسلوب للدعاية أفضل من اثارة هذه الحساسية

ألا تعتقد انه ربما يكون تخوف مما يسمى ” سحب النجوم السوريين الى مصر “؟

لا لأن هذا لا يؤثر على الاعمال السورية، فالفنانين السوريين الذين يعملون في مصر يقدمون أعمالا في سوريا أيضا ولم يقطعوا صلتهم بالحركة الفنية بالبلد فما المانع هنا وهناك، لا بل أنا أشجعهم وأحييهم وسنجد في المستقبل القريب تعاون أوسع بما فيه فائدة لمجمل الحركة الفنية.

وبالنسبة لي لم يكن عندي مانع مسبقا للتعاون ليكون الآن، والشيء الجميل ان سوريا كانت سباقة في اشراك الفنانين العرب في الدراما السورية وطبيعي أن يرد الاخرين هذا الشيء ويشركوا فنانينا معهم.

رشحت للقيام ببطولة فيلم الامير عبد القادر الجزائري وصرحت قليلا عن الدور والشخصية هل بدأت تحضيرات الى اين وصلت؟

بالفعل طرح هذا الموضوع منذ سنتين تقريبا أثناء تكريمي في الجزائر وسيكون هناك فيلم من انتاج جهة جزائرية ومسلسل من انتاج جهة سورية ولم يتبين بعد إذا كنت سأشارك في المسلسل او الفيلم بعد او ربما لا.

وطبعا اي انسان يطمح ان يجسد هذه الشخصية وبرأيي سينفذ عاجلا ام اجلا لكن حساباته تستلزم وقتا باعتباره عمل ضخم.

كرمت أكثر بكثير من باقي الفنانين السوريين حتى أطلق على صالة المسرح القومي باللاذقية اسم مسرح الفنان أسعد فضة ما سبب هذا الاهتمام الأكبر بك؟

اولا ان اي فنان يكرم هو تكريم للفنانين جميعا، لكن أنا اشعر بالانزعاج عندما أكرم من جهة معينة ولا أستطيع الحضور بسبب الارتباطات، وانا اعتبر هذه التكريمات نوع من الاحتضان والمحبة خاصة أن الجهات الخاصة قد بدأت تهتم بهذا المجال في حين كانت الجهات الرسمية هي التي تحتضن الفن وواعية لدوره كمنح أوسمة من الدرجة الممتازة من قبل السيد الرئيس بشار الاسد.

انا اقصد ألا يثير تكريم اسم معين بشكل خاص ومتكرر حساسيات في الوسط الفني؟ اي ان يتردد مثلا لماذا دائما أسعد فضة؟

لا أعتقد فأنا لا يثير عندي هذا الامر اي حساسية، ولقد ذكرت أنه عندما يكرم زميل لي اعتبره تكريم للحركة الفنية بشكل عام فلا يوجد بيننا مثل هذه الامور.

لإضافة الى انني قدمت للحركة الفنية ان كان على صعيد الادارة وخدمة زملائي الفنانين وعلى صعيد الابداع في مجال المسرح والتلفزيون والسينما وحتى الاذاعة ما استحق عليه تكريم من ارفع المستويات ومع ذلك انا لم أكرم لا يوجد مشكلة طالما هناك زميل لي يكرم.

شغلت فيما سبق منصب نقيب الفنانين هل شعرت أنك استطعت من خلاله اتخاذ قرارات صادرة منك شخصيا للأفضل ام ان هذا المنصب هو مجرد “منصب شكلي “؟

اولا انا لا أوافقك ان المناصب شكلية، فمن يشغل منصب مهم جدا يجب ان يكون مهم جدا واما ان يقوم بدوره ويدخل صلاحياته كاملة في هذا المكان او لا، فمن هنا لا نستطيع القول انه ” شكلي “.

ومن يشغل هذا المنصب من الممكن ان يساهم بضياع مؤسسة يقودها أو من الممكن أن يرفعها طبعا ليس من منطلق الفردية بل من منطلق رؤيته للإدارة وكيف يستطيع أن يجند الطاقات التي تخدم هذه الإدارة وترفع سويتها، من منطلق الوعي والفهم لدوره كإداري

كنقيب الفنانين سابق ماذا تعتقد أنك قدمت لزملائك الفنانين وللفن في سوريا؟

بالنسبة لمنصبي كنقيب فنانين سابق أنا بطبعي وأستطيع أن ادعي أنني رجل ديمقراطي في إدارتي سواء من أيام المسرح القومي الى مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة الى نقابة الفنانين.

والكثيرون يعرفون أنني مدير الحركة الفنية في سوريا في المسرح ومع ذلك كنت على خلاف مع العديدين لكن حول العمل وليس خلاف فردي

مجلس إدارة وبالتالي لا أطرح أشياء فردية انا اطرح امور لصالح المجلس لصالح زملاءنا الفنانين لخدمة الفنانين.

هناك صلاحية للنقيب أن يتحرك فيها، من ضمن هذه الصلاحية كمثال:

كان في تلك الفترة مجموعة من الشباب الجدد سواء خريجي معهد او ليسوا خريجي امتهنوا مهنة الاخراج وعملوا كمساعدين مخرجين ثم انتقلوا ليصبحوا مخرجين.

فقام مخرجون ضدهم وطالبوا بإيقافهم عن مزاولة المهنة، حتى أن الامر وصل الى طرحه في المؤتمر العام للنقابة وانا كنت ضد هذا التوجه للعظم لأننا بحاجة لشباب جدد هناك شركات خاصة تضع ميزانيات بين أيديهم ليقوموا بأعمال فنية لندعهم يجربوا وبدون تجريب أن نتوصل لنتيجة.

وأول من طرح الموضوع الأستاذ حاتم علي وفي مؤتمر عام ولم أوافق أبدا وضغطوا على مجلس الإدارة بإصدار قرار يمنع مزاولة المهنة لغير الخريجين من المخرجين وفي وقتها كان الليث حجو يعمل وأصدر القرار وقمت بتوقيعه وجاءني الليث حجو ليستفسر فأخبرته ان يكمل عمله ولا يصغي لهذا القرار.

انا انسان ديمقراطي لكني لم أستطع معارضة قرار مجلس مؤلف من عشرة وأنا وحيد، فكان على أن أوقع ولكن جعلته يكمل وأثبتت صحة وجهة نظري وهؤلاء الشباب اثبتوا موجوديه.

ما رأيك الآن بقرارات نقيب الفنانين الحالي “صباح عبيد ” فيما يخص منع ما أسماه “بمطريات العري ” من الغناء في سوريا؟

الحقيقة أنا لا أحب أن اتدخل وأحب أن اترك قيادة الامور لمجلس الادارة فأنا لا أعرف اعتبارات صدور هذا القرار.

لكن نحن جميعا ان كنا نقابة ولا أي جهة عامة أو خاصة ولا مجتمع وهذه أهم شيء لأن رقابة المجتمع أهم من أي شيء نطالب محطات التلفزيون بالأساس أن يخففوا من المظاهر التي تخدش الحياء بالنسبة للجمهور بمختلف شرائحه المتطورة جدا جدا والوسط والأقل، لأنه احيانا تعرض أمور غير مقبولة فنحن لسنا في أميركا او اوروبا نرى ما يشاهد هناك مثلا

نحن نبقى نجتمع له تقاليد وقيم أما فيما اتخذ من قرارات لحد الآن لم أسأل لماذا؟

ألا أستطيع ان آخذ برأيك كجمهور، فأنا اعتقد اننا لم نستفد شيء من هذا المنع كوننا نشاهد ما نريد على الفضائيات؟

وانا مع رأيك اننا يجب ألا نتطلع على أشياء فردية، يجب أن نتطلع على الظاهرة بشكلها العام وهذا سبب توجه حديثي للمحطات لان الظاهرة من هنا تبدأ وتتبع.

قمت بإخراج عدد لا بأس به من الأعمال المسرحية، لماذا لم نراك مخرجا لأعمال سينمائية أو تلفزيونية؟

الإخراج في التلفزيون والسينما يحتاج لتفرغ كامل أما في المسرح فباعتبار أنني كنت في الإدارة كنت أجد الوقت الى درجة أننا عندما وسعنا نشاط مديرية المسارح كنا نخرج ما يقارب 15 مسرحية في الموسم.

وفي نهاية الثمانينات لم أعد اخرج للمسرح لضيق الوقت لكنني لم أعتبر نفسي أنني انقطعت عن الإخراج فإدارة هذه الاعمال أصعب بكثير من إخراج مسرحية او اثنتين وأن أهيئ لزملائي الفنانين كل ما يحتاجونه لهذه الأعمال أصعب بكثير.

لماذا هناك لوم دائم أنه “لا يوجد مسرح في سوريا ” ما الأسباب هل هي التكاليف أم الأماكن أم ماذا؟؟

الأماكن موجودة ومتوفرة وخاصة بعد وجود دار الأسد ومن قبل مسرح القباني في الحمراء لنشغل هذين المسرحين ويكفي. لكن أعتقد أن هناك رغبة من الفنانين بالذهاب الى التلفزيون لأنه يحقق الانتشار وأسهل فعمل المسرح مضني يحتاج الى جهد وبروفات يومية والى عرض لمدة شهر على الأقل.

المسرح يحتاج الى ارتباط وتفرغ بينما بالتلفزيون لا يوجد كل هذا التعب ومردوده أكبر وانتشاره أكثر، وهناك فنانين يعتبرون مجرد ظهورهم على التلفزيون يجعل منهم مشهورين وأهم من اي ممثل عالمي.

لكن انا دائما أقول ان القفز فوق خشبة المسرح ليس في صالح الفنان، أي الذي لا يتربى في المسرح ويذهب مباشرة الى التلفزيون مهما طال الزمن العد التنازلي له سيبدأ.

ماذا يعطي المسرح ويضيف للممثل؟

المسرح هو مدرسة بحد ذاته نحن لم يكن على أيامنا معهد عالي للفنون بل كان المسرح القومي وكان استاذ لغة عربية والمخرج والإلقاء وتحليل نفسي أي مدرسة كاملة.

المسرحية كانت عبارة عن “work shop ” لهؤلاء الفنانين لذلك ممثلين المسرح القومي أهم من خريجي معهد طبعا الذي تعب وطور نفسه.

من كان معك من الفنانين في تلك الأيام؟

طبعا لا أستطيع أن أذكر الجميع لكن من الفنانات كانت منى واصف، مها الصالح، ثناء دبسي، ومن الممثلين: أنا وايمن زيدان وجمال سليمان.

كيف ترى الرقابة في سوريا هل هي مجحفة، أم معقولة وكيف تصنفها نسبة للرقابة في باقي الدول العربية؟

انا من حيث المبدأ ضد الرقابة، واساسا المفروض ان لا نتكلم بالرقابة وخاصة في عصر الانترنت الآن.

فأنت تستطيعين أن تشاهدي أي شيء في عصرنا هذا، اذآ مفهوم الرقابة التقليدي يجب ان نلغيه من أذهاننا،

في كل البلاد العربية ” رقابة النصوص ” يكون فيها شخص من وزارة الداخلية اما في سوريا فلجنة الرقابة هي فقط للمستوى الفني والأدبي للعمل.

فمثلا كان المرحوم سعد الله ونوس في اللجنة والشاعر محمد الماغوط وانا ومخرج مثلا هذه هي لجنة القراءة أي لجنة فنية لكن سياسيا المستوى هو الادارة

اما المنع فيكون ربما بسبب عمل يمس بيئة معينة فهذا الرقيب هي البيئة وليس الدولة حيث أصبح هناك إساءة معينة لبيئة معينة.

وأنا اعتقد ان هامش الحرية معطى للدراما السورية لا يوجد في أي دولة عربية لكن عندما يسيئ عمل لشريحة معينة فستضطر الدولة لمنع هذا العمل.

الم تواجه خلال مسيرتك الفنية اعتراضات من الرقابة لعمل معين؟

آخر مسرحية لي كانت بعنوان حكاية بلا نهاية وكنت انا المؤلف والمخرج واتاني الكثير من الاعتراضات لكنني اكملت المسرحية بعد العديد من النقاشات وكانت من بطولة ايمن زيدان، زيناتي قدسية نجاح سفكوني وتيسير ادريس.

وكانت تتكلم عن كل شيء في المجتمع العربي وعن معاناة الانسان العربي أي ليس فقط في سوريا وحكايته التي لا تنتهي.

وانا اعمالي واختياراتي للمسرحيات تؤكد أننا يجب أن ننتهي من موضوع الرقابة لكن بالمفهوم الايجابي وبالمفهوم الحر لتطور البلد وتطور الحركة الفنية.

ولا ابحث ان اكون شهيد اطلاقا الهدف الاساسي هو توسيع هامش الحرية للفنان ليعمل في مناخ حرية صحيحة ويبدع ويقول ما يريد ويجب ان تكون خلفيته دائما في مصلحة البلد والحفاظ على بلده وتراثه بشكل عام ووقتها لن يكون هناك اي أشكال.

واعتقد اننا سنتخلص من مفهوم الرقابة فإذا منعوني من قول ما أريد سأقوله على شاشة ثانية لذلك لم يعد مقبولا موضوع الرقابة.

ولكن من ناحية أخرى يجب ان نراعي المراحل التاريخية التي تمر بها البلد ويجب ان نكون واعيين لحركة التاريخ لأننا جزء من هذا البلد ويجب أن نراعي الوضع العام.

لقاءاتك الصحفية قليلة ما السبب؟ كيف تقيم الصحافة في بلدنا وما هي مآخذك عليها؟

لقاءاتي الصحفية قليلة ربما لأنني في لقاء على قناة ” الحرة ” تحدثت عن الصحافة لكن عندما نقول ان صحافتنا ينقصها كذا وكذا فهذا انطلاقا من حرصنا عليها.

وانا هدف واضح وموجود في مديرية المسارح ومكتبي في نقابة الفنانين موجود وإذا كنت سأستجيب للجميع فلن أعمل شيئا سوى اللقاءات الصحفية لذلك بين كل حين واخر وفي حال وجود ضرورة وعندما أشعر انه هناك شيء يجب أن يقال لا مانع لدي من لقاء صحفي.

حتى احيانا كنت أصرح بشيء لا ينشر، وبالذات حول موضوع هجرة الفنانين لخارج سوريا قلت رأيي فلم ينشره دون أن أعرف السبب.

اضافة الى أن بعض الصحفيين يستسهلون الموضوع ويريدون اجراء لقاء على الهاتف فاتخذت قرار ألا أعطي جملة واحدة على الهاتف.

لكن هذا لا يمنع انني احترم كل الصحفيين والصحافة وكل العاملين بها بغض النظر عن الملاحظات على صحافتنا او إعلامنا بشكل عام.

لكن نحن أيضا كصحفيين لدينا عتب عليكم كفنانين لعدم وجود تعاون من قبلكم؟

ان سبب عدم هذا التعاون هو أن بعض الصحفيين مثلا يأتون الى موقع تصوير دون أن يعرفوا ما هو العمل ومن هم الممثلين وما هو النص، هناك استسهال وتمريق لما يسمى بمهمة موكلة للصحفي، صورتين وكلمتين وأنا لا أقبل بهذا الشيء ومهمة الصحفي أن يوضح شيئا للجمهور ويوضح رسالة العمل، هذا هو الموضوع فليست حكاية عدم تعاون لكن هناك ملاحظة بعض الصحفيين يستسهلوا هذه المهمة الشاقة والصعبة التي تقلب الدنيا ولا يعرفون سوى الشكل وردة الفعل بالشكل.

حدثنا عن نفسك وعن سيرتك الذاتية كما ترغب أنت بتقديمها لقراء سيريانيوز؟

انا من مواليد اللاذقية واعتز انني من رحم البحر لا البحر أعطاني الكثير من الصفات الحلوة، تقدمت بعد البكالوريا لبعثتين عن التصوير وعن الإخراج والتمثيل ونجحت بالاثنتين لكنني اخترت الإخراج والتمثيل وكان من المفروض ان ندرس في مصر لنكمل بعدها في أوروبا وهذا ما حصل.

ثم استلمت ادارة المسرح القومي وبعدها مديرية المسارح والموسيقى لفترة طويلة وتعاونا مع وزارة الثقافة لإنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية.

وشغلت منصب نقيب الفنانين لدورتين متتاليتين لمدة ثمان سنوات وانا كنت ما أزال في مديرية المسارح والموسيقى، والآن أنا حر ومستقيل ومتزوج من الفنانة مها الصالح ولدي ابنة اسمها راما وهي مهندسة معمارية وعندي حفيدين أسعد الصغير تسع سنوات وسارة ست سنوات.

اقضي يومي قسم في الرياضة، قسم في العمل وقسم مع الاصدقاء وقسم مع نفسي وهذا الجزء الذي أحبه كثيرا لأننا بطبيعة عملنا الغير منظمة والتي يختلط بها الليل بالنهار نادرا ما نجد وقتا لنخلو فيه مع أنفسنا ونستعيد ما فعلناه وما يجب أن نفعله وأخيرا شكرا لسيريانيوز ولقراء سيريانيوز.

اعداد وحوار: رانيا معلوف _ سيريانيوز

اسم برناديللو غالبا ما يقترن في ذاكرتي بقصة قصيرة كانت مقررة في احدى سنواتنا الجامعية وعنوانها: ” الحرب “، ومع أنه يستهلها بصورة ساخرة عن امرأة بدينة تتدحرج كالبرميل وهي تصعد الى عربة القطار، فإن القارئ لا يملك الا ان يذرف في نهايتها دمعة مع اولئك المسافرين الذين لم تترك الحرب أحدا منهم دون أن تفجعه بولد أو أكثر..

وحين سمعت منذ أسابيع أن ” لكل حقيقته ” واردة في عداد المسرحيات التي اختارها المسرح القومي لموسمه الجديد، تملكتني رغبة طفولية بالقفز فوق حاجز الزمن، ولكن سرعة الساعة الدائرة في هذا العصر كثيرا ما تميت فينا حس الانتظار.

وفي صيف ريفي غابر، حيث تتسلخ راحتا يديك على عصا الرفش أو المجرفة وانت تسقي مساكب القطن والذرة، مشاركا اخوتك في شيء من شقوقهم السرمدية، حتى لا تشعر بحرج حين يقدمون لك تكاليف المدرسة أو الجامعة شتاء … في ذلك الصيف سمعت هذه المسرحية لأول مرة، كان البرنامج الثاني في اذاعة القاهرة ينقلها عن أحد المسارح هناك.

ومع تقدم الايام على سماعها فان مشهد ” المرأة ” الصوتي ما يزال عالقا في ذهني حتى الآن، ولك يكن في وسع احمد عداس، رغم الجهد الصادق الذي بذله، أن ينافس ذلك المشهد أو يجدد روعته، ولا أدري لماذا لم تنطبق صورة المسرحية المرئية على صورتها السمعية، وهذا ما ترك بينهما زاوية كبيرة لم تسمح حتى بتوازيهما، ولا أبغي هنا أن أتهم اداء هذه المسرحية بالقصور فربما اختلفت درجة التأثير بين حاسة وحاسة وبين لحظة واخرى …. ولكني أتمنى لو توصلت أمثال هذه المسرحية الذهبية الى الاذاعة، ولو بعد عام، حتى يتاح لآلاف المنتشرين في القرى النائية أن يطلعوا عليها، حيث لا يربطهم هناك بالعالم الخارجي المتمدن شيء غير المذياع!

قلت: اتمنى.. مجرد أمنية!!

” لكل حقيقته ” مزيج من الملهاة و المأساة (تراجيكوميدي) تنقلك الى مناخ الواقع الضاحك رغم أبعادها الظليلة الممتدة و التي تشحنها بالخفايا الكئيبة و الرموز الفاجعة: في الحياة الانسانية لا تنفصل الحوادث المحزنة عن السارة في قوالب معدنية مغلقة.

وهذا ما يشدنا.. حين لا تتيسر المشاهدة – الى قراء المسرح الحديث (بما في ذلك ما خلفه شكسبير من تراث يحيا خارج الزمن)، أكثر مما تشدنا القصة أو القصيدة، فهذه المسرحيات المقتطعة من حياة الناس، بعد أن انهار جدارهم الرابع الذي كان يحجب حقيقتهم عنا، هي الفن الأصيل الباقي.

ولكن الحقيقة في هذه المسرحية تبقى مقنعة بأكثر من حجاب كثيف أسود، ولن أسعى هنا الى كشف هذه الحجب من زاويتي، كما ذهب بعض الزملاء، ان ما يهمني هو ذلك اللون المأساوي المتأتي من الآخرين، حين يدسون انوفهم بما لا يعنيهم من أمور جيرانهم الذاتية، في أهالي تلك البلدة لن تجد واحدا ينقب عن الحقيقة المكنونة، حبا بالحقيقة ذاتها كما يفعل العلماء، بل كل ما يمكنك أن تشاهده سيكون – باستثناء لوديزي – خليطا من الطفيليات التي تغرز خراطيمها السامة فيما يخص عائلة غريبة منكوبة.

” الجحيم هو الآخرون “!

هذا ما قاله سارتر، وهذا ما تريد أن تؤكده هذه المسرحية في بعض مدلولاتها الاجتماعية، ففي حين تريد أن تخلو لنفسك أو تنزوي بعائلتك في ركن قصي، لسبب أو لآخر، فان عيون الآخرين وأنوفهم وألستنهم وربما أيديهم ستحاول جاهدة لاقتحام خلوتك واغراق حياتك في مستنقعات شكوكهم الموبوءة … وعندها لن تملك الى الخلاص سبيلا غير تخليك حتى عن وسيلة العيش، كما فعل بونزا حين قدم استقالته بكبرياء غاضبة.

مما لا ريب فيه أن أمر هذه العائلة يدعو الى الفضول ولكن هذا الفضول ينبغي أن ينتهي حيث يصبح اساءة وحين يتحول الى سكين تفتق الجراح الباطنة، ولكن السكاكين تستمر بتقطيع الشعور الانساني بشراهة بالغة حتى النهاية، أو ما بعد النهاية، ولعل في الكلمات الحزينة التي رشقتها مدام بونزا أخيرا في وجوه الآخرين درعا يرد تلك السكاكين – وان جاء متأخرا:

” الأمر, كما ترون, متصل ببؤس يجب أن يظل سرا دفينا حتى يمكن للعلاج الذي يفرضه حبنا لبعضنا أن يؤتي ثماره.”

وقد عارض لوديزي منذ البداية هذا التدخل الطفيلي في شؤون عائلة بونزا، حين أشار بعصبية الى أن رئيس العمل لا يجوز أن تمتد سلطته الى منزل مرؤوسيه وحياتهم الخاصة، ولكن لوديزي لم يجد من يصغي اليه فلجأ الى السخرية.. وكان المنتصر في الختام، فهو نجم المسرحية بلا منازع، وهو بذلك أشبه ما يكون بشاهد قضية تجري حوادثها في اتجاه خاطئ أمام عينيه، ويحاول مخلصا ايقافها أو التخفيف من اندفاعها المتهور.. ولكن دون جدوى. وهذا ما يجعل صوته العميق الساخر في النهاية شبيها بالكورس اليوناني: ” والآن يا أصدقائي، لقد وصلتم الى الحقيقة.. فهل أنتم راضون ؟!”

وفي رأيي أن الغموض الذي يغلف تصرفات هذه العائلة، وبخاصة ذلك التهويل في قصة حب كل منهم للآخر، هو من قبيل الميلودراما، ولكن الكاتب لم يستخدم هذه الميلودراما لذاتها، وانما اتخذها – كما فعل أوكيزي في ” جونو والطاووس “– وسيلة لفضح الآخرين وكشف خوائهم: لقد عاشوا طوال المسرحية ينبشون حول ” العائلة المسكينة ” ولم نر أو نسمع شيئا عن شؤونهم الخاصة بهم ّ

الممثلون بصورة عامة كانوا في مستوى هذه المسرحية الجيدة وقد أدوا أدوارهم بصورة تدعو الى الاعجاب والأمل في معطيات أتقن ترفع هذا الفن الناشئ عندنا الى محله اللائق بين الأمم، بشار القاضي يقف في المقدمة بالرغم من أن الدور الرئيسي كان من نصيب احمد عداس الذي لم تسمح له عصبيته في البداية من الكلام بوضوح، ولكنه استعاد مكانه بعد ذلك..

لي على بعض الممثلات ملاحظة عابرة: كان هناك بعد واضح بين صوت منى واصف وايماءاتها الزائدة (جدا احيانا!)، أما ثناء دبسي فقد حافظت على مكانها الذي احتلته في المسرحيات السابقة …وربما تمكنت فايزة الشاويش أن تلحق بثناء أو تسبقها إذا استطاعت أن تعيش أدوارها دائما، كما فعلت في هذه المسرحية.

وللمخرج أسعد فضة التحية والاكبار …

في موسمه الحالي يقدم المسرح القومي، مسرحية (حكاية بلا نهاية) على مسرح صالة الحمراء، وهي من تأليف وإخراج أسعد فضة. نحن في المسرحية أمام هجوم هجائي شديد على معالم الواقع الذي نعيشه، من نقص فيه وشروط مذلة لإنسانه، في أكثر حالات هذا الإنسان اندحاراً وسلبية

    • فكرة المسرحية:

ومن أجل تشخيص النقائص فإن العلاج ينطلق من الإنسان الذي تعبر عنه في علاقاته وأوضاعه، مجموعة (الديوك)، فرقة (الديوك): خمسة أشخاص من ذوي أسماء معبرة، تدور كلها في فلك العجز الإنساني، والمرارة والخيبة الحياتيتين، (شمس النهار) و(عياط) و(شكى بكى) و(الخلد) و(عصفور) وبرغم هذا الأسماء المتباينة والمختلفة فإن ثمة شيئاً واحداً يجمعها معاً، وهو قوة الامتثال إلى واقع الحياة السلبي، المدمر للشخصية مهما كان اسمها ومهما كان وصفها.

وبداية المسرحية هي خارج الصالة، ونهايتها أيضاً لا وجود لها. فهي بلا بداية ولانهاية وإنما فقط، لقطات مفصلة عن حالة الإنسان الاجتماعي، الذي تعود النشاط السلبي والإحجام.

ومن موقع ما، ذاتي، تحريضي، يجري انتقاد المألوف بلا هوادة، السخرية منه، الغضب عليه، إنه ذلك المألوف المعاش من الظلام والضبابية والجوع والصراخ والثرثرة، وكل هذه فروضات تجعل إنسان المجتمع مجرد عبث، لا جدوى من حياته الحقيرة على هذه الشاكلة، رغم أنه كثيراً ما لا يدرك كيف هو الحال بالنسبة إليه، بل مازال يتلقى كل ما دبر له وحيك لأجله وهو غير آبه بقيمة الفهم الخاص لما اعتاد عليه.

ويبدو، حسب المسرحية، إن كل شيء مهما بدا جدياً يكاد يدعو للسخرية، وهكذا تتداخل الأفكار والمفاهيم، ويتطاول اللعب على الجد، لتغيب الفواصل المحددة لكل حالة، صورة، حقيقة، ومن ثم لتمحي الأجزاء السريعة، والمعبرة وكذلك منها شديدة الأهمية، ولتستوي في كل شعوري، يصاغ عسفاً بطريقة مؤسفة والأهم في هذه المسرحية، والتي سجلته عن جدارة هو أنها عالجت أكثر الأشياء والقضايا التصاقاً بالهم اليومي والحالة المتكررة بشكل جعلها تبدو وكأنها تحصل لأول مرة أمام صالة المتفرجين.

الجوع مؤلم، يجعل الإنسان يتخلى عن إنسانيته في سعيه وراء اللقمة!! هذا صحيح، غير إن الطرح الاحتفالي الخاص أعاد رونق الغرابة للمشكلة، وطابع الدهشة الذي فقدته! أخلاق تعسة مفروضة، محفوظة عن ظهر قلب لا يعلم الأغلبية مآلها من أين وإلى أين، أصلها غائم وواقعها مزيف، ولأجلها يقسر القانون ويأخذ تفسيره (العادي) كل هذا صحيح، لكن الجديد أن المعايير تلك مازالت تنهب راحة النفس دون دراية بالأمر، من نفس تتوق بطبعها إلى الانعتاق من المكروه.. ولو أن هذا المكروه نفسه، هو موضع تساؤل وشك.

إليه المسرحية: الإنسان (مبروم) (كالزمبرك) يمارس فعله الميكانيكي عند أول محرض بل وبلا محرض أيضاً. إنسان أعمى الإدارة والتوجه لضغط الأثقال عليه ولقلة الخيارات في وقت وحد، بل لانعدام الخيارات.. إنسان تفرض عليه (المحفوظات) العرفية، وتنال من إنسانيته حتى لو كان موضوعها التألم، أو تداعي الذات السلبية. هو ذا إنسان المسرحية التي تعرضت إليه، إنسان جعلت منه حياته المطاعة، مجرد آلة تعمل إلى لا هدف. وتلك هي (فرقة الديوك) التي قدمت المعروف، العادي، المألوف بطريقة غير عادية. ورغم بساطة الموضوع فإن تسجيل ما يلي شيء ضروري:

    • اعتبرت المسرحية، دوماً، أن الإنسان مجرد رقم أو فرد ولهذا كان أن خرجت بعجزه وفشله واندحاره.
    • جعلت مناط الفعل الإنساني في جبهة وحيدة قاسية الفعل، لا إنسانيته، وخيبت مفهوم الحياة المقابل الذي يتصل عضوياً بالجبهة الأولى.
    • لأن المسرحية قدمت ما هو معش بشكل عادي، كان من الممكن إظهار المناقض، النقيض، لذلك في كل لحظة فعل، ودوماً بالشكل الذي يعري العادي حتى يجعله غير عادي، دون إملاء أو نصح أو تحريض.
    • منعت المسرحية مفهوم (التأزم) في العلاقات، ولم تسمح سلفاً لهذا المفهوم الوصول إلى شكله الممكن في العرض المسرحي، وذلك بعيداً عن تقديم الحلول بشكل تقليدي – والمسرحية لم تقدم حلولاً وهذا لا عيب فيه – انسحبت المسرحية بالفعل وغيبته في كل وقت، في كل مناسبة، كان يمكن فيها أن يعبر الحدث عن أكثر من مجرد ردة فعل.
    • إن الخطأ الكبير الذي عانته المسرحية هو أنها حاولت التعرض لكل شيء، لأغلب مظاهر الخراب الاجتماعية والإنسانية في وقت لا يسمح الأمر فيه بذلك، وبهذا تساوت النتائج القليلة غير الهامة، من حيث ضحالة فعلها المرافقة لتعدديته.

انساقت المسرحية وراء المفاهيم العاطفية للحلول القومية، الوطنية الاجتماعية، حيث تهكمت بواقع التجزئة ظناً منها أن الحل هو في الدعوة الحارة إلى العكس. هذه الدعوة التي يمكن أن تفهم عن طريق المخالفة. وبذلك تكون المسرحية قد خلطت بين التعرض للأهداف الكبرى، والتعرض إلى وسائل أولية لازالت كوابيس الحياة من فوق كاهل الفرد، وهذا ماله أثر سيء في وعي المشاهد، وذلك حتى في اللحظة التي يصفق فيها الجمهور بحرارة عند نقد واقع التجزئة، كما عند نقد سبب هذا الواقع.

إن كل ما عرضت له المسرحية من انتقاد صادق لمفاعيل الظروف اليومية التي تكره الإنسان على الإمساخ والانطواء والسلبية والعجز، تجعل التعرض للتحريض على ضرورة تحقيق الأهداف الكبرى، من باب تحصيل الحاصل.

 إن ما سبق بحثه أكثر أهمية وخاصة حين نعلم أن علاج المسائل اليومية، كالقهر والجوع والذل والحرمان والسلبية، ذات الأسباب التاريخية والواقعية، إنما هو علاج يستقصي راحة نفس المشاهد ويقلبها إلى تمرد حسي آني، يطبق نفسه عاطفياً على التعامل مع الموضوعات الكبرى من مثل مفهوم (التجزئة) مثلاً، مما يجعل هذه الموضوعات الكبرى على هامش متن العمل الفني.

وفوق ذلك راحت المسرحية إلى إتباع أسلوب التحريض بدل الاكتفاء بالتدليل، بغض النظر عن أهمية التدليل ونوعيته وأهدافه، مما أنقص قيمة الهدف الضمني.

    • فن المسرحية:

استطاع العرض تحقيق ما رمى إليه، عن طريق ابتكار شكل يمت مباشرة إلى واقع الفعل الأساسي في مضمون العرض. فاللعبة العامة التي ابتكرها المخرج، سواء في التأليف أو الإخراج، حققت هدفين معاً:

أولاً: تبرير كل ما يمكن أن يقال عن سوء الوضع، وذلك عن طريق تداخل اللعب بالجد والمزاح بالحقيقة، مما جعل المشاهد يأتلف مع حالة العرض دون عناء أو إحساس بالثقل.

ثانياً: تمكين المشاهد من الخروج من حالة الملل المتوقعة، وهو يرى ما يعيش فيه، وما هو مألوف لديه.

وقد أفاد الإخراج من مفهوم (التغريب) عند بريخت، عندما جعل عند كل نقطة ذروة انفعالية حاجزاً عن المتابعة (الدرامية) يبطل السير اللاهث وراء (صدق) المشهد وضغطه، ليحيل المشاهد إلى نقطة بداية تبحث عن خيط ذي لون آخر، سواء فنياً أو فكرياً وكذلك الأمر بالنسبة للديكور البسيط، الذي حقق مهمة إخراج المتفرج من التأثر بالجمادات وجعله رهن الموضوع الذي هو أهم، على حين لم يكن للإضاءة دور هام، متميز.

وأما عن الموسيقا فقد سلكت سلوكاً آخر، فعلى حين كان من ضرورة التغريب الفني أن تساهم الموسيقا في رفع سوية الذهنية في التلقي، نراها أمعنت في فرض الجو النفسي العام الذي هدفت إليه المسرحية أساساً، يعني تحقيق الوطأة الأكبر على الشعور حين عمدت في كل مناسبة إلى تفريغ المتفرج من إمكانية إعداد مجموعة من المشاعر في مواجهة الحالة المعروضة، فأكثرت من إحباطات المتفرج من إمكانية إعداد مجموعة من المشاعر في مواجهة الحالة المعروضة، فأكثرت من إحباطات المتفرج حين كانت تندرج من الأعلى إلى الأسفل في السلم الموسيقي، وذلك بهدف التأثير التفريغي، الإحباطي، على الإحساس، مهتمة بتوصيل التعجيزية في الطرح العام، هذه التعجيزية التي تعد موضع انتقاد هي الأخرى من باب أهم.

وفي الحديث عن مجموعة الممثلين، فقد لا يكون إجحافاً قولنا إن الجميع تفوقوا وتوتروا إلى درجة واعية، عالية، كبيرة، على حين بقي الممثل (تيسير إدريس) خارج الحدث، بشكل عام، ناقص التوتر، (حيادي) التعامل مع الفكرة، الأمر الذي جعله يتدنى عن مجموعة زملاء عمله، بأن بقي نافراً بين المجموعة.

عيد الشحاذين

أمير في زي شحاذ… وشحاذون في زي أمراء

لا شك أن ندرة أعمال مسرحنا الغنائي رفعت النقد والنقاد إلى أكثر من مواقف التسامح وغضت النظر تجاه تلك الأعمال. ورغم تأثير المسرح تأثير مسرح (الرحبانية) الرائع تجد معظم أعمالنا وقد استعارت منها المظهر الخارجي فقط، وظلت سطحية وتجارية ومرائية.

لهذا كله لا يملك الإنسان إلا أن يتفاءل بولادة مسرح غنائي محلي وهو يشاهد أوبريت (عيد الشحادين) تأليف عيسى أيوب وإخراج أسعد فضة وألحان عبد الفتاح سكر وبطولة عدد من كبار ممثلينا وفي طليعتهم عبد اللطيف فتحي، منى واصف، مها الصالح، أحمد عداس، وأسعد فضة.

ولكن من دواعي التسامح الذي أشرنا إليه أن ننظر إلى النص كمحاولة أيوب الأولى في الكتابة المسرحية. فلا شك أن المسرح الغنائي يزداد صعوبة وتعقيداً بازدياد عناصره وتشابكها. لكن الشيء الأساسي فيه أن يبقى مسرحاً في تقنيته وبنائه الداخلي.

ومسرحيتنا قد افتقدت عديداً من جوانب هذا البناء الفني، بحيث لم ينقذها في النهاية سوى براعة وجاذبية الحوار، والطرافة والظرف في الشخصيات.

إن أياً من شخصيات المسرحية لم يعالج بعمق، كل همومها بدت شخصية وسطحية، ولم نعِ مشاكلها إلا عبر الكلام بينما كانت ترفل في الهناء والثياب الأنيقة والأحلام الوردية، إنهم شحاذون في زي أمراء، أما الشحاذون فعلاً فكانوا كومبارس المسرحية وليس أبطالها. لقد بدوا فعلاً كطبقتين متنافرتين وهم في الأساس ليسوا كذلك.

العيب الثاني أن المسرحية لم تتمحور حول أي حدث أو صراح بارز، بل كانت مجرد عرض سردي ناقد مبسط إلى حد السذاجة أن شيئاً لا يحدث طيلة الفصل الأول، كل ما هنالك أن أميراً تنكر بزي شحاذ، والفصل الثاني لا يضيف الكثير إلى عرض الشخصيات طيلة سابقه الأول، كل ما هنالك أن الأمير مكشف عن هويته ويطيح برئيس الشركة في القرية وتابعه رجل المخابرات لأنهما يسيئان استخدام سلطتهما ويشوهان صورة حكمه.

لكن الشيء الهام يكمن في النهاية الذكية للمسرحية، التي تحولها من عمل تبريري مجامل إلى عمل سياسي ناقد. بائع الكتب حمودة اعتاد أن يحمل إلى الأمير عريضة تحمل مطالب الناس ويحمل له معها سلة تين من تينة أواه عندها أيام كان مطارداً من حكم سابق، ولكن حراس الأمير كانوا يحولون بينه وبين الدخول ويسرعون منه التين. وبعد أن يصحح الأمير الأوضاع في القرية بكف يد رجاله المسيئين، يذهب حمودة بعريضة وسلة تين، لكنه يعود فارغ اليدين، لقد أكل الحراس التين وسرقوا السلة ومنعوه من مقابلة الأمير.

إن المسرحية تريد أن تقول إن الحل ليس في تغيير بضعة أفراد مستغلين وإنما في الإطاحة بالاستغلال من الأساس. والمسألة ليست في خطأ هذا أو ذاك وإنما في نهج نظام الحكم. الأمير ليس شخصية سلبية، لكنه يضع نفسه وضعاً سلبياً عندما ينصب حاجزاً بينه وبين الشعب ويجعل بطانته يستغلون اسمه لقمع الحريات واستعباد الناس. لقد استجاب لمطالب أهل القرية وألغى عيد الشحادين، لكنه لم يعمل على إلغاء واقع الشحادة، إن العدل ليس في الكلمات ولكن في الأفعال والعدل لا يتحقق بشكل فردي جزئي بل بشكل عام شامل.

(عيد الشحاذين) عرض ممتع تنساه في اليوم التالي، لكنك ترغب بمشاهدته ثانية دون تردد إذا اقترح عليه ذلك. ولعل الجديد فيه هو غياب الشخصية المحورية التي تتركب حولها جميع الخيوط والأحداث، ويظل كل ما حولها من حبكات وشخصيات هامشياً وطفيلياً. هنا تتوزع الشخصيات بعدل المسرحية، بل إن عدداً من الممثلين الكبار يؤدي أدواراً صغيرة وهذا شيء جيد، بل ولعل هذا ساعد بعضهم على الخروج من أسار الشخصية المتكررة الواحدة.

عبد اللطيف فتحي كان رائعاً ببساطته وحيويته وقدرته على الارتجال الناجح دون أن يسرق المشهد أو يبتذل النكتة. لقد استطاع أن يجمع بين مشاعر الحزن ومتعة الضحك وإن ينقل تأثيرهما إلينا بنجاح.

منى واصف تألقت في شخصية كوميدية ظريفة لم تلعب مثلها منذ دورها في (طرطوف) لموليير لتؤكد قدرتها على التلاؤم مع أي دور يسند إليها.

أما إخراج أسعد فضة فأضاف عنصر الحيوية إلى الجانب العرضي السكوني للنص، ووظف الاستعراض توظيفاً جيداً وطبيعياً في العمل على العكس من (طرة ولا نقش) وعديد من الأعمال الغنائية المسرحية التي يبدو فيها الغناء مفتعلاً ومحشوراً في مكانه غير الطبيعي.

واستفاد المخرج من ديكور على الحامض الناجح على وجه الإجمال وحرك الممثلين في زواياه المختلفة بنجاح ومرونة. لكن الديكور افتقد تلك اللمسة الشاعرية الرومانسية في مسرحية غنائية الطابع، ولم يبرز جماله إلا في مشهد تزيين القرية، ثم إنه لم يكن مرحياً بجو قرية فقيرة تحتاج كثيراً من المطالب.

رياض عصمت.

حقق نجوم الدراما السورية حضوراً لافتاً على شاشات الفضائيات العربية في شهر رمضان، واستمراراً لما درجت عليه (الثورة) خلال السنوات الماضية نتابع رصد أبرز الوجوه الرمضانية.

يأتي الفنان أسعد فضة في مقدمة الوجوه الرمضانية وبه نفتتح الحديث عن فناني الدراما الرمضانية، فتاريخه الفني يدفعه إلى المقدمة إضافة إلى كونه نقيباً للفنانين.

يعد أسعد فضة من أبرز الوجوه الرمضانية، وقد أطل بعدد وافر من الشخصيات التي لا تزال في الذاكرة، فمن عز الدين القسام إلى أبو كامل وأبو دباك وابن الوهاج وأبو البنات. وهو يحضر اليوم بدورين لافتين يضافان إلى مسيرته الحافلة بالعطاء.

يؤدي أسعد دور والد نزار قباني في المسلسل الذي يحمل اسمه وهو في هذا المسلسل يملأ الشخصية بتقنيات تضفي عليها هالة من البهاء. فقد جعل بيته مقراً للمجاهدين، وهو المحرض على مقاومة الاحتلال.

وهو الأب الحنون الراعي للطفولة والموجه للشباب، ويلعب دوراً تأسيسياً في إذكاء جذوة الشعر في نفس نزار. ويبدو الأداء مختلفاً في مسلسل سيد العشاق وبما يناسب شخصية سيد القبيلة حيث يؤدي دور والد قيس أشهر عشاق العصر الأموي.

هنا يقف ذريح معارضاً لزواج ابنه من فتاة بدوية ومن قبيلة دون مستوى القبيلة التي يتزعمها، ويملأ أسعد فضة الشخصية بتقنياته المميزة دون تكلف أو تشنجات زائدة على الحد الطبيعي للانفعال.

أسعد فضة قامة باسقة في بستان الدراما السورية فله التحية والحب.

محمد قاسم

دمشق- من رياض فاخوري

قدم المخرج نفسه، والمؤلف نفسه، بدأ العرض الثالث لمسرح الشوك في تابلوهات مسرحية انتقادية ضاحكة ومسلية عنوانها (براويظ).

و(براويظ) مجموعة من الانتقادات الجريئة تتهم وتعارض، تحرض وتكشف التركيبة السياسية والاقتصادية منذ 25 سنة في سورية، ابتداءً بالفوضى والإرهاب والتهافت على الأحزاب والوظائف، إلى المظاهر التعسفية والانتهازية في مواقف الأفراد اليومية واتجاهاتهم.

غير أن (براويظ) المسرحية التحريضية المباشرة تقف، كما بدت لي، إلى جانب مسرح الساعة العاشرة، ومسرح شوشو لانتقادي الشعبي في بيروت، وتتشابه معهما من حيث المنطلقات والأهداف والنتائج، لكنها تختلف من حيث الجو والبناء الدرامي الكوميدي العام للنص والممثل.

فهي، إلى حد، تتحايل على النص، وتختصر من العبارة السياسية التحريضية، ولا تسمي الأشياء بأسمائها مباشرة، حفاظاً على استمرارية العرض والتقديم، بينما مسرح الساعة العاشرة، ومسرح شوشو، هما أكثر جرأة ومواجهة للواقع والإنسان منها.

لكن هل هذا انتقاص من دور (براويظ) التحريضي الهجومي، وهروب من المجابهة الفعلية للواقع والإنسان في سورية؟

الابتعاد عن الخصوصيات:

أظن أن (براويظ) بداية. وبما أنها بداية فهي إمكانية تسعى إلى التحريض والتطوير. وبقدر ما هي تتحدى وتواجه الواقع العربي في انهياراته ومحرماته وتناقضاته السياسية والاجتماعية الكثيرة، فهي موجودة وفاعلة في كل شيء حولها، حتى في العادي من الكلام الذي تطلقه ولو كان جزئياً وعارضاً.

إنها صورة لما سوف يكون في حياتنا المسرحية القبلة. ولذلك فهي من هذه الناحية مشاركة عامة بين المؤلف والمخرج والممثلين والجمهور، ومحاولة للخروج من العام إلى الخاص، من المحلي إلى الشمول، ومحاولة للابتعاد، كما يقول مؤلفها عمر حجو، عن الخصوصيات والجزئيات والأوجاع العارضة.

وليست أهميتها، بعدئذ، في الصور الكوميدية أو الدرامية التي تقدمها، بل هي في المواجهة اليومية التي تقفها من الأحداث والأمراض السياسية والاجتماعية العارضة والمستفحلة في المجتمع العربي، وبخاصة السوري، ككل.

إنها تأتي من ضمن عروض مسرح الشوك الذي أهميته، كما يقول مخرج المسرحية أسعد فضة، كشكل وأسلوب مسرحي متميز، يغني الحركة المسرحية، وكمضمون يعالج الخطأ، ليساهم في عدم تكريسه، إذ لا شيء أخطر من السكوت عن الخطأ، لأن السكوت عنه يساعد على تكريسه واستمراره.

ويضيف: (إن أهمية الدور الذي يلعبه مسرح الشوك تأتي من معالجته للأحداث اليومية وكشف للأخطاء بفرقعة بالونات الهواء الفاسد التي تأخذ أحجاماً في مناخ حياتنا، قبل أن تزداد وتتسع لتنفجر فجأة في يوم من الأيام وتفسد كل شي).

(براويظ) مسرح الشوك

مسرح الشوك مع (براويظ) يؤكد أنه أصبح ظاهرة يمكن أن تلعب دوراً هاماً في حركتنا المسرحية وفي حياتنا العامة. لكن.. وبعد عمله الثالث هل استطاع أن يطور من نظرته إلى الواقع الذي يستمد منه صوره؟ وهل استطاع أن يطور وسائله الفنية؟

المضمون النهائي لمسرح الشوك مع لوحاته الجزئية يتكرر للمرة الثالثة فلا يتغير فيه إلا اللوحات والحوادث الصغيرة، ولهذا لا يحقق أي كسب نقدي أو فكري، يضاف إلى هذا أنه يقدم هذا المضمون – ومثله في ذلك مثل كل الأعمال المسرحية التي تنحو منحاه – جاعلاً المجتمع في حالة الكمون والركود. أي أنه يكتفي بتصوير المجتمع في حالته الساكنة المتجمدة لا في حركته الجدلية التي تعرض التناقضات والأخطاء ليصل إلى المستقبل الذي يتلامح من خلال الواقع السيئ. ومسرح كهذا لا يؤدي أي دور أكثر من استدرار التصفيق من جمهور يتألم، أي أنه يستغل – هو وما يشبهه – النقمة الجماهيرية على التخلف، ليحولها إلى ضحكة هزيلة (تفش الخلق) أكثر مما تحرض على التغيير.

الشكل ظل في (براويظ) كما كان في العملين السابقين، لم يتقدم أبداً بل تأخر قليلاً. فقد كانت بعض اللوحات تخلو من الحدث الصغير وتعجز عن شرح نفسها فتأخذ (القفلة) دور الشرح وليس دور التأكيد كما كانت في (جيرك) و(مرايا). وتصبح لهذا ثقيلة قريبة من الوعظ والحكمة السقيمة، كما في لوحات (المثقف- الخطيب- الشرفية).

لكن مسرح الشوك الذي حافظ كنص مكتوب على طبيعته السابقة أو هبط عنها قليلاً، استطاع أن يطور وسائله الفنية في الإخراج الذي ارتفع به وغطى على كثير من عيوبه. ويتجلى ذلك في ناحيتين:

أولاهما أن أسعد فضة فهم طبيعة مسرح الشوك، التي تستمد صورها من حياة الناس، فأبرز هذه الصفة الواقعية إلى أقصى حد. والمثال على ذلك البداية والخاتمة.

وتأكيد المخرج على الواقعية يظهر في جميع الفقرات، فلا يسرف في الحركة، وإنما يعطي منها – رغم حيويتها – المقدار الضروري.

والناحية الثانية هي أن المخرج كان يهتم باللوحة كاملة وليس بالقفلة فقط، فكانت كل لوحة عملاً مسرحياً صغيراً ينمو ويتدرج لتكون (القفلة) ذروته ومنتهاه.

فرحان بلبل.

دمشق- من مرعي عبد الله:

كل شيء فني في سوريا الشقيقة يتقدم ويتطور ابتداءً من السينما التي يجري فيها الآن تصوير خمسة أفلام دفعة واحدة، ويكاد يكون نصف نجوم القاهرة موجودين في دمشق، وانتهاء المسرح النامي المعافى الذي بدأ يأخذ شكله السليم.

وإذا كانت حركة العمل السينمائي الناشطة هذه الأيام تعطي الدلالة على التقدم والتطور اللذين نعنيهما، فإن الشعار الذي تبنته (اللجنة العليا لمهرجان دمشق الرابع للفنون المسرحية) هذا العام يعطي الدليل الآخر:

لكي يستطيع المسرح أن يكون أداة تغير وبناء، لا بد من أيكون مرآة للمجتمع الذي يحيا فيه. مرآة لا تكشف ما هو عابر وهامشي في حركة المجتمع وقضايا، وإنما تنفذ إلى الأعماق، فتكشف التيارات الأصلية، ومطامح الشعب الحقيقية، لكي تغني بعدئذ إمكانية التقدم وتجاوز الواقع.

ولن يستطيع المسرح العربي أن يحقق هذه الغاية إذا بقي تجربة معزولة، تختنق بإقليميتها وهمومها الصغيرة، فالحوار وتفاعل التجارب، والبحث المشترك، هي السبل الحقيقية لظهور مسرح عربي ذي ملامح واضحة، يستطيع أن يغير وأن يكون طاقة تقدم وبناء في وطننا العربي.

مسرح الشوك.. الانتقادي:

وغير المسرح القومي، فإن (مسرح الشوك) آخذ في الانتشار والتوسع الجماهيري. وهو مسرح أشبه بمسرح (الساعة العاشرة) الانتقادي الساخر.. وقد قدم حتى الآن عرضين هما (مرايا) و(جيرك).. والعرض الأخير شاهده اللبنانيون في العام الفائت عندما قدم على مسرح الكابيتول ولقي النجاح (تمثيل دريد لحام ونهاد قلعي)..

وحالياً يستمر منذ 6 حزيران الفائت تقديم العرض الثالث لمسرح الشوك على مسرح القباني (براويز) وهو من إخراج أسعد فضة (مدير المسرح القومي) وتأليف عمر حجو (مبتكر المسرح الإيمائي وموظف في المسرح الجوال الذي يديره أحمد قنوع) وتمثيل: طلحة حمدي وعدنان بركات وعمر حجو وياسين بقوش وأحمد قنوع وعبد السلام الطيب وأحمد قبلاوي وعلي التلاوي ونبيل خزام وعبد الله عبدو ورجاء ياسين.

ويضم العرض الجديد (براويز) مجموعة من اللوحات الكوميدية النقدية لشتى مظاهر الحياة في سوريا.. وبالذات لمجالات الشكاوى المرة التي يعاني منها السوريون والوقائع الحياتية السلبية كالإرهاب السياسي والانتهازية والفوضى والتضخم الإداري وغيرها (مما يضحك ويبكي، ويجرح ويداوي، ويفضح ويعري) على حد تعبير المؤلف عمر حجو (صاحب نشاط معروف في التلفزيون) الذي يقول:

بالكلمة والحركة يرسم مسرحنا (الشوك) صوراً نحن أشخاصها، ومجتمعنا خلفيتها، وآلامنا أطرها. وقد حرصت في (براويز) أن يتم تطابق مرجو بين ما أحس به ككاتب وبين ما يحس به الآخرون الذين لا يجدون وسيلة للتعبير عن أحاسيسهم. حرصت أن يكون لساني ناطقاً بما يجب أن يقال.. معبراً عن رغبة في البناء والمساهمة في ترسيخ خطوات المسرح الجاد في قطرنا.

وأعتقد أن (براويز) وثبة جديدة في تاريخ مسرح الشوك وأهم ميزاتها الاتجاه نحو التعميم والشمول والابتعاد شيئاً فشيئاً عن الخصوصيات والجزئيات والأوجاع العارضة. وقد أردت أن يكون هذا العرض على مستوى الوطن الكبير منطلقاً من الفكرة القائلة إن فضح السلبيات إشادة بالإيجابية، ودعوة واضحة إلى تبينها آملاً أن يكون بإمكان هذا العرض أن يظهر بصدق أين نحن وأين يجب أن نكون؟

إن النماذج المريضة التي أسقطت عن وجوهها الأقنعة في هذا العرض نماذج حية تعيش بيننا، وتحاول جاهدة أن تفرقنا في مزيد من التخلف ينفس الوقت الذي نحاول فيه أن نحرز مزيداً من التحرر والتطور!

المواضيع مستهلكة ولكن…

 ورغم أن بعض المواضيع التي طرحها عرض (براويز) قد عولجت من قبل في عرضي (مرايا) و (جيرك)، إلا أن المخرج أسعد فضة لم يتبع أسلوب الخطابة المباشرة التي تثير الملل، بل ارتكز على الفكرة نفسها كوسيلة لإضحاك الجمهور، فجاء أداء الممثلين بسيطاً سلساً لا (مرجلة) فيه ولا عضلات..

ويبدأ المخرج أسعد فضة تقديم عرضه بوضع قناعين كبيرين لحمارين على جانبي الخشبة.. ثم يطل المخرج نفسه على الجمهور ليقول إن نجاح العرض يعود لجهوده.. ويبرر لماذا بأسلوب مرح مقبول.. ثم يتبعه المؤلف (عمر حجو) لينسب النجاح لنفسه بعد أن يلعن نفسه مؤلفاً عاماً، مسرحياً وتلفزيونياً وإذاعياً، في كل المناسبات، وخاصة المناسبات القومية.. ويرفض بشدة منطق المخرج ويؤكد أنه وراء النجاح ويطلب (بروزته).. وأيضاً في أسلوب جيد ومقبول..

وبعدهما يخرج الممثلون يطلبون (البروزة) لأنهم وراء نجاح العرض.. ويضرون على تقديم أنفسهم من خلال البرواز وإلا فإنهم سيقاطعون العمل.. ويوافق المخرج والمؤلف على طلبهم.. و(البرواز) هي الصورة الرسمية السياسية والاجتماعية التي تتحرك في إطارها كل نماذج العرض.

المخرج يتكلم…

وأسعد فضة الذي درس الإخراج المسرحي في المعهد العالي بمصر لمدة 4 سنوات ثم سافر إلى فرنسا للاطلاع لمدة سنة، أخرج حتى الآن عشر مسرحيات للمسرح القومي هي: (الأخوة كرامازوف) و(دنجوان) و(لكل حقيقته) و(عرس الدم) و(السيل) و(التنين) و(الملك العاري) و(دخان الأقبية) و(الغريب) و(السعد).. كما مثل في بعض هذه المسرحيات وفي غيرها من إخراج غيره مثل (موت بائع متجول) التي أخرجها محمد الطيب، وفي (زيارة السيدة العجوز) لعلي عقلة عرسان وغيرها.

وأسعد فضة يؤمن بضرورة إغناء الحركة المسرحية السورية الذي يأتي من تنوع الأشكال المسرحية وممارسة الأساليب المسرحية المتنوعة للتعبير عن الرسالة التي يبغيها أهل المسرح من ممارستهم للعمل. وعن تجربة مسرح الشوك يقول المخرج أسعد فضة:

أهمية مسرح الشوك تأتي بشكله وأسلوبه المتميزين اللذين يغنيان الحركة المسرحية، وبالمضمون الذي يعالج الخطأ ليساهم في عدم تكريسه، إذ لا شيء أخطر من السكوت عن الخطأ، لأن السكوت عنه يساعد على تكريسه واستمراره.

وأهمية الدور الذي يلعبه مسرح الشوك تأتي من معالجته للأحداث اليومية وكشفه للأخطاء بفرقعة بالونات الهواء الفاسد التي تأخذ أحجاماً في مناخ حياتنا، قبل أن تزداد وتتسع لتنفجر فجأة في يوم من الأيام وتفسد كل شيء.

قضية الحزبية:

ويبلغ مجموع اللوحات الكوميدية النقدية حوالي 15 لوحة، تعتبر أطولها وأنضجها تلك التي تعالج قضية الحزبية والانتساب للأحزاب من أجل الحفاظ على الوظيفة والأمن. فيحكى أن رجل (ياسين بقوش) قصته مع كل الأحزاب منذ الاستقلال حتى الوقت الراهن..

ويجد المؤلف مخرجاً لا يعرضه للفترة الحالية، فيقول الرجل: (إنه لم يعد بحاجة للانتساب إلى حزب، لأنه أحيل على الاستيداع وليست هناك ضرورة بعد الآن ليكون حزبياً)

وفي لوحة أخرى يروي المؤلف قصة عذاب رجل يضرب بوحشية (في مبنى الشرطة) بالنيابة عن شخص آخر لمجرد تشابه الأسماء. ويستخلص المؤلف من الموقف حكمة شعبية تقول: (عمرها العصاية ما دامت بأيد اللي ماسكها)

وفي لوحة أخرى، يوقف شرطيان أحد المهربين الكبار على الحدود، ويصران على تفتيشه وتوقيف سيارته.. وبدلاً من أن يصبح المهرب هو المتهم يتولى هو اتهام الشرطيين، ومساءلتهما لأنهما – على حد تعبيره – أخلا بأحد شروط اتفاقه الموقع مع رئيسهما الذي باعه حق المرور على الطريق، ويستدعي المهرب رئيس الشرطة الذي يتولى هو الآخر توبيخ رجاله.

ويختم العرض بلوحة لسيارة يقودها أكثر من سائق، وتتعثر كلما بدأت المسير ويقرر قادتها وركابها أن يتشاوروا ليصلوا إلى حل.. وتجري المشاورات التي تترامى أصواتها كطنين الذباب، وتنتهي فجأة ثم تبدأ العربة في التعثر من جديد، لا جدوى ولا أمل.. لأنهم لا يوافقون على تسليم القيادة لواحد منهم لعدم ثقتهم ببعضهم..

ومشاهد المسرحية التي تبدأ حين يقرر حماران دخول عالم البشر لاكتشافه، تنتهي بأن يخرج الحماران بحكمة مفادها أنه من العار على الإنسان أن يعيش عيشة الحمير.

أسعد فضة.. أيقونة الدراما السورية وكنزها الدفين

من آباء الفن السوري ومن أيقوناته الرائدة والمؤسسة، فأسعد فضة منذ دراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة قسم الإخراج والتمثيل، كان من الواضح أنه يختط طريقه الخاص بإصرار وثقة وحضور مختلف كثيراً عن مجايليه، فقد عمل مباشرة في الإخراج والتمثيل كما دخل مجال التعليم في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق وأصبح مديراً للمسرح القومي، ليبدأ  في الوقت نفسه إنتاجه الكبير من الأعمال الإبداعية في المسرح والتلفزيون والسينما  والإذاعة، وربما كان من أهم الفنانين الذين جمعوا الإنتاج الوفير مع الإبداع المرتفع في جميع الأعمال التي شارك فيها، فأسعد فضة كان دائماً صاحب تلك (الكاريزما) النادرة التي قلما تجتمع في شخص وربما كان لذلك كله الدور الأبرز في بلورة أعمال فضة وتركيزها بحيث لا نعثر إلا على الاختلاف والإضافة المتجددة في كل مرة.

أخرج أسعد فضة الكثير من الأعمال المسرحية، فتحضر هنا أسماء أعمال عالمية شهيرة ومحلية يذكرها المتابعون جيداً مثل: (الأخوة كارمازوف، دون جوان، لكل حقيقته، عرس الدم، دخان الأقبية، التنين، السيل، الملك العاري، السعد، أيام سلمون، سهرة مع أبي خليل القباني، دمشق انتظرناك والحب جاء، سيزيف الأندلسي، الملك هو الملك، المفتاح، رقصة التانغو، حرم سعادة الوزير، عيد الشحادين، براويظ، حكاية بلا نهاية، حكايات ريفية، مغامرة رأس المملوك جابر، السعد)..

أما في مجال التمثيل فتكبر قائمة مشاركاته المسرحية وكذلك التلفزيونية، وعدا عن أعماله الفنية التي يمكن أن يحكى عنها الكثير، فقد كان فضة على الدوام صاحب نظرة نقدية يمكن أن تكون بوصلة توجيهية لأعمال الدراما السورية، خاصة في المواسم التي ترتفع فيها نسبة أنواع معينة على حساب أعمال أخرى، فهو من جانب رؤيته للدراما التاريخية، يؤكد على ضرورة وجودها على المشهد الدرامي السوري الذي اشتهر بهذا النوع من الأعمال، وهو يؤكد بهذا الصدد على ضرورة ربط الماضي مع الحاضر بحيث لا يحدث نوع من القطع الثقافي أو الفني بالنسبة للجيل الجديد الذي يتابع الدراما بكل شغف وشوق..

يقول فضة: (التاريخ أبو الحاضر وأبو الحاضر ابن التاريخ.. كل شيء اليوم هو نتيجة لماضٍ مهما كان بعيداً.. أي عمل تاريخي سيرى الجمهور أنه يتعلق بالحاضر ويتحدث عما يحدث اليوم). اشتهر أسعد فضة بأداء أدوار صعبة ومهمة في تاريخه الفني، تلك الأدوار التي أقبل عليها دون تفكير نظراً لمكانتها الثقافية وضرورات تدوينها في الذاكرة البصرية والفنية للأمة.. يقول حيال ذلك: (أعتز بأن أكون في مسلسلات تروي حياة أساطير هذه الأمة.. فمثلاً ليس من السهل أن تكون في الدراما (توفيق القباني) والد الشاعر الراحل نزار قباني، لكن عندما عرض على الأمر لم أفكر كثيراً وقبلت بذلك، وأعترف بأني اعتمدت على مخزون كبير لدي في تنفيذ أدوار صعبة كهذه.. والأمر لا يختلف كثيراً حيث عن دوري في مسلسل عن محمود درويش فهو مدعاة اعتزاز أيضاً).

 المتابع الجيد لأعمال فضة، يكتشف مقدرته الكبيرة على الارتقاء بالدور والقيام بوضع لمساته الخاصة على جميع التفاصيل الخاصة بالشخصية، فخلاصات الخبرة والتجربة وخوض مختلف الميادين الإبداعية جعل الفنان فضة يمتلك تلك الفرادة والخصوصية القادرة على عبور مشقات الأدوار وبلورتها بشكل مختلف وجديد كل مرة، تلك التجربة التي دفعت الجميع لأن يعتبر فضة من مرجعيات الفن السوري والعربي بشكل عام.

الفنان الكبير أسعد فضة: اشراك الناس في مناقشة القضايا المصيرية في الفضائيات يقتل هذه القضايا.

لم يكن يعرف أنه يمكن أن يضع قدمه على سلم الفن , كل ما حدث انه و في مرحلة الدراسة الثانوية , كانت هناك مجموعة من الاساتذة الذين يدرسون اللغة الفرنسية , لا يتبعون المنهج التقليدي في تدريس اللغة , وانما يقدمون هذه اللغة عن طريق الدراما , كانت هذه بداية الطريق بالنسبة له , فقد عشق الدراما من خلال هؤلاء الأساتذة , وكل الطلبة في ذلك الوقت اما أن يرسلوا للدراسة في فرنسا للذين يتقنون اللغة الفرنسية , او الى بريطانيا , ممن يتقنون اللغة الانجليزية , وذلك حين تقدم للمنحة الفرنسية اختار الفن , ولكنه لم يذهب الى فرنسا , فقد فرضت عليه ظروف الوحدة بين سوريا و مصر في ذلك الوقت ان يتجه الى القاهرة ,

عام 1963 تخرج أسعد فضة من المعهد العالي للفنون المسرحية وعاد الى سوريا ليلتحق بالمسرح القومي، ممثلا ومخرجا ولكن حلم الدراسة في فرنسا كان ما يزال يراوده، فذهب اليها عام 1966 ولكنه لم يكد عامه الأول فيها حتى تم استدعاؤه على عجل من اجل استلام المسرح القومي الذي بقي على رأس ادارته من عام 1968 حتى عام 1874 حين استلم مديرية المسارح والموسيقى.

ظل وفيا للمسرح حتى عام 1986 ولكنه بعد ذلك العام أدار ظهره للمسرح بشكل مطلق تقريبا، فبعد مسرحيته الاخيرة “حكاية بلا نهاية ” لم يعد للمسرح لا مخرجا ولا ممثلا فكيف حدث هذا الانقلاب؟

مهرجان دمشق المسرحي سيعود هذا العام بعد توقف استمر اربعة عشر عاما

في ذلك العام جاء الى سوريا الكاتب المسرحي الكبير محمود دياب وهو يحمل معه مسلسله التلفزيوني ” انتقام الزباء ” وقال للمسؤولين في التلفزيون السوري أنه يريد أن يعمل هذا العمل في سوريا، ولكنه يشترط لذلك أن يلعب صاحبنا شخصية “زبداي ” في العمل، فكان هذا الدور نقطة تحول في حياته الفنية، اذ بدأت العروض تنهال عليه من كل مكان، مما جعله غير قادر على العودة الى عشقه الأول المسرح.

في السينما قدم مجموعة من الأعمال الهامة التي يعتز بها مع المخرج السينمائي السوري عبد اللطيف عبد الحميد، حيث قدم “ليالي ابن آوى ” و ” رسائل شفوية ” و ” قمران وزيتونة ” اضافة الى فيلم آخر مع المخرج السينمائي غسان شميط بعنوان ” الطحين الأسود ” أما فيلمه الذي يعتز جدا بتمثيله، فهو فيلم مشترك بين سوريا والاتحاد السوفياتي سابقا، بعنوان ” قصة شرقية ” الذي أنتج بأربع لغات هي: العربية، الروسية، الانجليزية والفرنسية. فقد كان هذا الفيلم تجربة غنية بالنسبة له، اذ مثل الى جانب عمالقة التمثيل في الاتحاد السوفياتي وعلى رأسهم سموكنوفسكي، الذي كان من اهم الممثلين الذين لعبوا دور عطيل في المسرح العالمي، وهو يرى أن عظمة هذا الممثل، لم تمنعه من القيام بدور صغير في هذا العمل الى جانب ممثل مثله.

صاحب هذه التجربة الفنية الثرية، هو الممثل السوري الكبير أسعد فضة الذي كان ضيف ” الدستور ” على الهاتف والذي أدار حوارا شيقا وممتعا مع قراء ” الدستور ” وهذا هو نص الحوار:

    • نائلة توفيق – عمان – هل لنا ان نعرف منك ولو نبذة بسيطة عن تطور الحياة الفنية في سوريا؟

 

كان للنهضة المسرحية التي عمل على تأسيسها الفنان السوري الكبير أبو خليل القباني أر كبير على الحركة الفنية , ليس في سوريا , فحسب , بل وفي مصر ايضا , فقد تأثر به الفنان الخالد سيد درويش , وكان امتدادا له في مصر , وبعد وفاة أبي خليل القباني في مطلع القرن العشرين , بدأت فرق الهواة الفنية تفرض وجودها على الساحة السورية , ثم تحولت هذه الفرق من الهواية الى الاحتراف , في أواخر العشرينات و بداية الثلاثينات , ثم بدأت بعض الفرق المحلية تتشكل في كل من دمشق و حلب , و بدأت عروض هذه الفرق تأخذ الطابع الاحترافي في مطلع الخمسينات , وحين قامت الوحدة بين مصر و سوريا , تشكلت وزارة الثقافة عام 1959 , وهذه الوزارة , ضمت مديرية المسارح و الموسيقى , وتشكلت فرق المسرح القومي , وفرقة مسرح العرائس , و فرقة الفنون الشعبية , وفرق موسيقية عديدة , و بعد ذلك تطورت هذه الفرق الى فرق جوالة , و بدأت فرق المسرح التجريبي بالظهور , اضافة الى فرق لمسرح الطفل , و فرقة أمية للحفاظ على التراث الشعبي و تطويره , وقد فرض وجود هذه المديرية , اقامة مبان لإقامة مثل هذه الفعاليات الفنية , فكان هناك المعهد العالي للفنون المسرحية و المعهد العالي للموسيقى و تطور التدريس في هذا المعهد من التمثيل الى النقد و الديكور , و التقنيات كي يصبح اكاديمية فنية متكاملة , وقد أحدث وجود مثل هذه المعاهد نقلة نوعية في الحركة الفنية السورية , رفد هذه الحركة بجيل جديد , وقد تفرغ العديد من ابناء هذا الجيل للعمل في المسرح القومي , وبالتالي هيأ لهم هذا المسرح  فرصة أن يكونوا موظفين في وزارة الثقافة , وهذه النهضة جعلتنا نفكر جديا في مهرجان , يجمع اقطاب الحركة الفنية في الوطن العربي , اذ كانت جسور التواصل شبه مقطوعة بين الفنانين العرب , فكان مهرجان دمشق الذي كان من اوائل المهرجانات العربية التي أقامت جسور التواصل بين الفنانين العرب , وقد استمر هذا المهرجان منذ عام 1976 حتى عام 1990 حيث توقف بسبب حرب الخليج , ولكنه سيعود مرة أخرى ليثري الحركة الفنية العربية , بدءا من هذا العام , حيث ستقام فعالياته في الفترة الواقعة بين 21- 30 تشرين الثاني .

    • خالد حسين – عمان – كيف يمكن خلق تجربة مسرحية جماهيرية؟

 

هذه التجربة قمنا بها , في بداية تأسيس فرقة المسرح القومي , فقد كان العرض المسرحي يقدم من ثلاثة الى اربعة أيام , وكان حضور العرض يتم عن طريق بطاقات الدعوة , فقلنا يجب أن نضع حدا لهذا الأمر , اذا لا يمكن أن يتعب المخرجون و الممثلون أياما طويلة من اجل تقديم عرض مسرحي لأيام معدودة , وللنخبة فقط , لذلك طالبنا بفتح العروض المسرحية للجمهور , في البداية أظهرت الوزارة تخوفها من هذا الأمر , فقد كانت تخشى أن لا يكون هناك اي استجابة من الجمهور , أما نحن فكنا نريد خوض تجربة التحدي هذه , و كنا نريد للجمهور أن يقف على شباك التذاكر , ولذلك توصلنا الى حل وسط , وهو أن لا تلغي الوزارة بطاقات الدعوة الخاصة , وتسمح ببيع بطاقات دخول للجمهور , وقد بدأت هذه التجربة بنفسي من خلال مسرحية ” الأخوة كرامازوف ” لديستوفسكي , وكانت النتيجة أن الجمهور تقبل الفكرة , واستمر عرض هذه المسرحية لمدة ستة أشهر , و كان المسرح ممتلئا تماما بالجمهور .

    • هديل محمود – عمان – هل للفنان أسعد فضة نشاطات مسرحية الى جانب عمله التلفزيوني؟

 

منذ عام 1963 حتى عام 1968 وأنا متفرغ للمسرح، ممثلا ومخرجا، ولكن منذ ذلك الوقت لم يعد لدي أي نشاط مسرحي، اذ لم يعد هناك مجال من أن انتشل نفسي من دوامة التلفزيون، خاصة أنني بدأت أشعر انني أسير في مجال لا يختلف كثيرا عن المسرح، كما أنني لا أقدم سوى الأعمال ذات السوية العالية، مما يجعلني اشعر انني أقدم شيئا مهما للجمهور، فأنا لم أشارك في أية أعمال تجارية أو أعمال هابطة بل أقدم أعمالا تطرح مقولات مهمة، ويجب أن تصل هذه المقولات للجمهور.

    • طارق الدباغ – عمان – ماهي آخر أعمالك التلفزيونية؟

 

آخر عمل انتهيت من تمثيله هذا العام، مسلسل بعنوان ” قتل الربيع ” وهو من تأليف هاني السعدي، واخراج يوسف رزق، اما الان فأنا موجود في الاردن من أجل المشاركة في تمثيل مسلسل أردني جديد بعنوان ” العدول ” وهو من تأليف الكاتب المسرحي الأردني غنام غنام، واخراج المخرج الاردني اياد نصار، وانتاج انجاد فيلم وعصام حجاوي، واتمنى ان يكون هذا التعاون امتدادا للتعاون الفعال الذي ساد بين الحركتين الفنيتين في كل من سوريا والاردن، وقدم انتاجا تلفزيونيا متميزا للحركة الفنية العربية.

    • جمال القصراوي – عمان – ماهي علاقتك بكل من الفنانين ايمن زيدان وناريمان أسعد؟

 

فيما يتعلق بعلاقتي بالفنان أيمن زيدان، فقد كان هذا الفنان من خريجي الدفعة الاولى التي قمت بتخريجها من المعهد العالي للفنون المسرحية، فقد كان أيمن زيدان وجمال سليمان ووفاء الموصلي، من الدفعة الأولى التي تخرجت من المعهد، اما بالنسبة للسيدة ناريمان، فقد مثلت معي مسلسلين تلفزيونيين، كنت فيهما أمثل دور ابيها، فقالت لي: هل تسمح لي بأن احمل اسمك بدل اسم ابي في اسمي الفني؟ فقلت لها: لا بأس في ذلك، ومنذ ذلك الوقت اصبحت تسمي نفسها ناريمان أسعد، وناريمان وايمن حسب معرفتي زوجان متفاهمان، متحابان، ولا أدري ماهي آخر أخبارهما في هذه اللحظة؟

    • نسيم جواد – عمان – لماذا لا يكون هناك اتحاد للفنانين العرب؟

 

هذا الاتحاد موجود بالفعل، لكنه مقصر في لقيام بدوره، في تفعيل الاعمال العربية المشتركة، مع أنه من مهمات هذا الاتحاد القيام بهذه الاعمال، وطرح أعمالا عربية ذات قيمة عالية فنيا وموضوعيا، ليكون محفزا للمنتجين الاخرين لإنتاج أعمال جديرة بالاحترام.

    • نبيهة حسن – اربد – ما رأيك بالفنانين الاردنيين، ولماذا لم يرتقوا بعد الى مستوى متقدم في مجال التمثيل ولم يخرجوا من عباءة المسلسل البدوي؟

 

انت تظلم الفنان الأردني , فقد عملت مع فنانين أردنيين في أعمال تاريخية , وأعمال مودرن , و باللهجة الأردنية ايضا , وقد كانوا مبدعين في الأعمال التاريخية على وجه الخصوص , اما بالنسبة للأعمال البدوية , فأنا أعتقد أن أفضل ساحة قدمت المسلسل البدوي هي الساحة الاردنية , وقد تميزت بهذا النوع من الدراما ولا أحد يجاريها في هذا المجال , صحيح انني ارفض القيام بأي دور في هذه الأعمال لأنني مقتنع اننا لا نقدم الحياة الحقيقية للبداوة العربية في مسلسلاتنا و لكن هذا لا ينفي أن الممثل الاردني قد قدم أعمالا درامية مميزة .

    • ميرنا أحمد – عمان – ما علاقة الفنان العربي بما يحدث في العراق؟

 

أرجو المعذرة على عدم الاجابة عن هذا السؤال , لأنني لست من انصار معالجة قضايانا المصيرية من خلال الميكروفونات , فأنا أدرك أن مشاكلنا و قضايانا لا يمكن أن تحل من خلال الميكروفون , كما أنه يجب ألا يسمح لكل من هب و دب من أن يدلي برأيه في قضايا جوهرية و مصيرية , ويجب أن تنتبه الفضائيات العربية لهذا الخلل الرهيب الذي تحاول أن تكرسه على الساحة من خلال هذه الفوضى العارمة في الآراء التي تسمح لها بالدخول الى ذاكرة الناس , اذا ان اغلب الآراء التي تقال من خلال هذه المحطات بعيدة عن الصواب , ولا يمتلك مطلقوها أية معلومة حقيقية تمكنهم من تحليل الوضع بشكل سليم , و هذا الوضع غير موجود في أية دولة من دول العالم , سوى في عالمنا العربي , ولذلك أرجو المعذرة في عدم الادلاء بدلوي في قضايا عظيمة مثل قضية العراق أو فلسطين أو غيرهما من القضايا الحساسة التي تهم الانسان العربي .

    • فارس الفيومي – العقبة – هل تعتقد أن الدراما العربية بشكل عام والسورية بشكل خاص، قد عالجت الواقع السياسي العربي بصدق؟

 

إذا كنت تقصد انها قد عالجت كل قضايا الأمة وبشكل كامل فهذا لم يحدث، وإذا قلنا ذلك، نكون قد غالطنا أنفسنا، لكن كل عمل من الأعمال الفنية لابد ان يتطرق الى قضية من قضايا الانسان العربي وهم من همومه، والاعمال التي تتحدث عنها، انما تعبر عن الفترة التي عالجتها، لكن مهما كان الفن قويا فأنه يبقى مقصرا عن الواقع المعيش، اذ لا يقدر اي عمل فني أن يحيط بمعطيات هذا الواقع.

    • شاكر مصطفى – عمان – كنا نتمنى لو يكون هذا الحوار مشتركا وبين ” الدستور ” وبين محطة اذاعية، تقوم المحطة ببثه، وتقوم “الدستور ” بنشره على صفحاتها، فتكون المشاركة أكبر والفائدة أعم؟

 

انا معك في هذا الطرح، واتمنى على ” الدستور ” أن تنسق مع محطة من المحطات الاذاعية المحلية، للقيام بمثل هذه الأعمال المشتركة، فجميل ان يكون هناك حوار يبث على الهواء مباشرة، وينشر في الصحيفة، حيث تقوم الاذاعة بتعميمه على أكبر شريحة من شرائح المجتمع، وتقوم ” الدستور ” بتوثيقه على صفحاتها.

    • صهيب يونس – عمان – هل أنت من عشاق الرياضة؟

 

بل أنا من ممارسي الرياضة، فقد مارستها في المرحلة الثانوية وفي سنوات دراستي في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة، ففي مرحلة الدراسة الثانوية كانت المدرسة تعدني مع زميل لي لبطولة الجمهورية للقفز بالزانة، وفي المعهد العالي كانت ضمن المواد المقررة علينا مادة رياضة الشيش، فأصبحت من عشاق هذه الرياضة ومن ممارسيها.

وصال قاسم – ماهي علاقتك بالفنانين الفلسطينيين، ولماذا لم تقدم أعمالا عن مخيم اليرموك الفلسطيني في دمشق؟

 

 علاقتي مع الفنانين الفلسطينيين قوية، وقد قدمت الكثير من الأعمال معهم، كما قدمنا اعمالا خاصة بالقضية الفلسطينية، أما مخيم اليرموك فهو حي من احياء دمشق، ولا يمكن اختصار القضية الفلسطينية بمخيم اليرموك، فالقضية الفلسطينية أعم وأشمل من أي مخيم؟

    • اخلاص رشيد – انت فنان متزوج من فنانة، فكيف ترى العلاقة الزوجية والفنية بين الفنان والفنانة؟

 

اعتقد أن العلاقة الانسانية تتم تنحيتها جانبا، وتصبح العلاقة علاقة زمالة، والنقاش يأخذ أبعاد زميل لزميلة، سواء كانت تعمل معه في العمل او في عمل آخر، لكن إذا احتد النقاش ووصل الى نقطة حاسمة عندها يمكن اللجوء الى آليات العلاقة الزوجية لحسم الأمر.

    • عبد الكريم البرغوثي – عمان – لقد مس مسلسل ” الداية ” قضية مهمة جدا وهي قضية التسامح، فما رأيك بذلك؟

 

معك كل الحق، وهي قضية لم يتنبه لها الكثير ممن شاهدوا المسلسل، ونحن نحتاج الى هذه الصفة الرائعة، كنا انني معك من أن المسلسلات السورية قد أظهرت جماليات البيت الدمشقي، وادخلته الى وجدان المشاهد العربي في كل زمان ومكان.

    • فادي جميل – عين الباشا – ما هو السؤال الذي لم يطرح على الفنان أسعد فضة من قبل، ويتمنى لو يطرح عليه؟

 

لا اعتقد أنه قد بقي سؤال لم يطرح على وأحب هنا ان احكي لك حكاية طريفة حول الاسئلة، ففي لقاء لي مع التلفزيون السوري، سئلت عن أحب الأكلات إلي، وبدأت بتعداد هذه الأكلات، وكانت النتيجة انني قضيت أكثر من شهر وانا اعزم على هذه الأكلات من قبل المشاهدين.

    • انتصار خليل – ماهي المواضيع التي تشد الفنان أسعد فضة، وما هو آخر كتاب قرأته؟

 

المواضيع التي تشدني هي التحليلات السياسية، والاخبار الفنية على شرط ان لا تكون هذه الاخبار مثل رغوة الصابون، أما آخر كتاب قرأته فهو كتيب بعنوان ” لماذا تقدم العالم ولم نتقدم نحن ” للكاتب شكيب ارسلان.

    • جمال نشوان – لماذا لا توجد أعمال مشتركة بين الفنانين الأردنيين والسوريين؟

 

ما اعرفه من خلال مشاركاتي، ان هناك العديد من الأعمال بين الفنانين الاردنيين والسوريين، وهناك أعمال جميلة، ونحب أن نتوسع في هذه الأعمال، وإذا أردنا ان نطور الدراما العربية، وان نقدم أعمالا على مستوى جيد تدبلج للغات أخرى، فيجب أن تتضافر الجهود، من أجل تقديم المستوى الذي نطمح له، هذا في مجال التلفزيون، أما في مجال المسرح، فإن الوضع أصعب بكثير، اذ لا نستطيع تجميع الممثلين في بلد واحد، الا إذا كان هناك تعاون فعال، وهناك ارادة قوية من قبل وزارات الثقافة لتحقيق ذلك.

    • رضا الفران – عمان – هل درست الفن التشكيلي؟

 

أنا لم أدرس الفن التشكيلي، بل مارسته، فخلال فترة دراستي للإخراج والتمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية، كنت أسكن مع عدد من الفنانين التشكيليين، وقد ترك الفن التشكيلي أثره في مساعدتي غلى رسم الشخصية بدءا من الوجه مرورا بالزي واللون والديكور، فهذه الامور كلها على علاقة بالفن التشكيلي، لذلك حين أكون في موقع التصوير أعرف أن هناك نقصا ما، وأنا امارس الفن التشكيلي في أوقات الفراغ.

    • خالد عبد الكريم – عمان – لماذا لم نعد نرى مها الصالح في أعمال جديدة؟

 

مها الصالح متفرغة هذه الأيام للعمل المسرحي، وقد قامت بإخراج وتمثيل مسرحية بعنوان ” خطبة لاذعة ضد رجل جالس” من تأليف غابرييل غارسيا ماركيز، وهي سعيدة بهذا العمل لأنها تعتبره مشروعها الخاص، وقد شاركت به في مهرجانات عربية وعالمية في كل من المانيا وايطاليا وبريطانيا والاردن وتونس، وهذه المشاركات شجعتها على المضي في هذا المشروع، لكن هذا لا يعني انها توقفت عن العمل التلفزيوني، فهناك الكثير من الأعمال التي تعرض عليها.

    • دارين ومرح زين الدين وساندرا حسن خليل – ماهي هوايتك؟

 

هوايتي الرياضة والرسم.

ولاء ونداء وباسل محمد ياغي ودونا حسن خليل أبدين اعجابهن بالفنان الكبير خاصة في مسلسل ” أبو البنات ” وطالبوه بإعادة بث بعض الأعمال الجميلة التي قام بها؟

أجابهن الفنان قائلا بأن الكثير من اعماله تبث أكثر من مرة على المحطات الفضائية وأن قرار بث هذه الأعمال لا يعود له شخصيا وأنما لمسؤولي البرامج في هذه المحطات.

مشروع العمر لم يتحقق بعد

لا تزال أعماله تسكن الذاكرة، ومازال يعتلي عرش الدراما،

تلفزيونيا وسينمائيا ومسرحيا متسلحا بموهبة فذة، وحرفية لا تكاد تضاهى، وحضور شخصي آسر يأخذك الى عوالم الفن الحقيقي.

يتقن عمله، ويخلص له، وقد حباه الله كاريزما تضاف الى مقومات نجاحه … مع الفنان القدير أسعد فضة كان اللقاء:

أين تجد نفسك، وقد عملت في المسرح والسينما والتلفزيون إضافة الى الإخراج والإدارة؟

أرى نفسي في جميع هذه الأماكن، وفي كل مهمة توكل إلي ويصبح هاجسي الوحيد هو النجاح في مهمتي، وأحرص أشد الحرص على النجاح، رما أفشل ولكن مع ذلك فأنا لست مع الرأي الذي يقول ” أرى نفسي هنا، ولا أرى نفسي في مكان آخر، بل يجب أن نضع أمام أنفسنا النجاح أينما كنا.

ما رؤيتك لمشروع العمر؟

لا يوجد لدي مشروع اسمه مشروع العمر، فكل مشروع أقوم به، هو أكثر طموحا من سابقه، وعندما اسأل ماذا يمكن أن تعمل بعد شخصية معينة أقول يمكنني أن أعمل أفضل منها، وهذا طبعا يتبع للظروف،

ولا أحب الحديث عما مضى من أعمال، لأنها أصحبت ملكا للجمهور، وهو من يحكم ويقيّم.

ومشروع العمر لم يتحقق بعد، فلو تحقق تكون النهاية، وأنا دائم التفاؤل بالمستقبل، وعلى الانسان أن يمتلك التفاؤل فيما يتعلق بمهنته وعمله.

ورغم وجود الكثير من السلبيات في الوسط الفني، وتحفظي على ما يجري بالنسبة لمهنة وتطويرها، والعمل على طريقة الحفاظ على ما وصلنا اليه والتطلع للمستقبل، وكيف يمكننا الاستمرار بهذه الوتيرة من النجاح لكن هذه التحفظات لا تجعلني أصل الى درجة التشاؤم طالما لدينا طاقات فنية وإبداعية متميزة.

كيف نحافظ على سوية الدراما في سوريا؟

هذا يحتاج الى استراتيجية من الفنانين والجهات المعنية من الرسميين والخاصة بهذا الشأن، وهذه الاستراتيجية تعتمد على أسس أهمها:

أن نعي المحيط الذي نحن فيه (التلفزيون مثلا …) وما تقوم به الشركات والفضائيات وغيرها. ونكون على دراية لدرجة دراسة هذا الواقع ومعرفة كيفية التحكم فيه، إضافة الى المحافظة على الطاقات الابداعية الموجودة ورعايتها والسعي لتطويرها وأيضا تسويقها.

ويجب بعد ذلك تأمين القاعدة الاقتصادية التي بإمكانها أن تحقق انتاجات على سوية عالية، لنصل بالعمل الى درجة المنافسة مع المحيط الذي نحن فيه.

وثمة أمر آخر لا يمكن تجاهله وهو ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص على أسس واضحة، وألا يدير القطاع العام ظهره للقطاع الخاص ليفعل ما يريد، فالقطاع الخاص يمول غالبا من خارج سوريا، فإذا انقطع هذا التمويل، ما البديل لتلافي هذا الوضع يجب أن يؤخذ بعين الاهتمام والحرص.

وأخيرا، التنسيق في العمل بين الشركات، فلا يمكن أن تتزاحم أكثر من شركة على إنتاج العمل نفسه، وإن كان لكل فنان رؤيته في العمل، لكن يجب أن توظف هذه الرؤية بعمل آخر.

إذا وجود الاستراتيجية ضرورة لا بد منها، لأنها تحقق الحماية للفنان ولشركات الانتاج، وتحقق حماية للجميع، وبوجودها ينجح الجميع.

هل بغياب الاستراتيجية تكون الدراما بخطر؟

هي ليست في خطر، ولكن يخشى على الدراما، وخصوصا بعد دبلجة المسلسلات المكسيكية والتركية، رغم أن هذه الدبلجة تشكل مصدر رزق للعديد من الفنانين فهل نفكر بدبلجة أعمالنا الى لغات أخرى، وهل يمكن تقنين هذا الموضوع والتعامل معه بشكل يكون رديفا للدراما العربية وليس ضده، أو يحل محله.

إذا هناك أمور كثيرة تجعلنا نشعر بالخشية على الدراما العربية بشكل عام ولكن لا تشكل خطرا، ولا أجد ضيرا من عمل الفنان السوري في الدراما المصرية، بل نحن نسعى لأعمال مشتركة، وهذا شيء جد إيجابي، والفنانون الذين يعترضون على ذلك سواء من مصر أم سوريا، ذلك يعد تسويقا لأنفسهم لا أكثر.

توجه بعض كتّاب الدراما لمرحلة الشباب وبذلك فقد جزءا كبيرا من فناني الرعيل السابق فرصتهم بالعمل، كيف تفسر هذا الأمر؟

المجتمع ليس شبابا فحسب، أو كهولا أو متوسطي العمر فقط، فالحياة هؤلاء جميعا، لكن بعض القضايا تعترض نفسها، من مثل “شباب عاطلون عن العمل “.. وهذا ليس سلبا، ولكن السلب أن نركز على عادات انقرضت في المجتمع كسلوك الحارة الشامية، ومسلسل “أبو كامل ” هو أول من طرح الحارة الشامية، وهذه الحارة تضم “المثقف، والمجرم، والتاجر، والمرأة الفاضلة، والمقهورة، لكن عندما أكرس وضع المرأة المقهورة فهذا أمر غير حضاري.

ماذا بشأن المسرح، وهل هناك نية لإعادة ألقه؟

نحن في استراحة المحارب، عندما يوجد العمل الجيد، سنجد اقبالا جماهيريا كبيرا، فالمشكلة ليست في الجمهور ولدينا طاقات إبداعية شبابية تجيد العمل في المسرح، لكن عندما تتجه هذه الطاقات الى التلفزيون فهذه تشكل مشكلة حقيقية، ولتلافي هذه المشكلة اقترحت عندما كنت أدرس في المعهد شرطا على خريج المعهد أن يعمل على الأقل سنتين في المسرح مع عمله بالتلفزيون والمرافق الأخرى، لأن المسرح يصقل المواهب، فالمعهد يعطيه جواز عبور، والمسرح يصقل موهبته.

فاتن دعبول

في لقاء مفتوح بمهرجان الحصن الأول

أسعد فضة: تورطت دون أن أدري في هذا العشق!

سار في الآونة الأخيرة عقد لقاءات مفتوحة مع نجوم التمثيل و ذلك في أكثر من مدينة سورية , وغدا تقليدا جميلا يرضي نزوعات النجوم وعشاق فنهم في آن واحد , وضمن هذا التوجه عقد لقاء مفتوح مع الفنان أسعد فضة ضمن فعاليات مهرجان قلعة الحصن الأول للثقافة و الفنون و الترفيه الذي أقيمت فعالياته في القلعة وفي حمص , ففي قصر الزهراوي الأثري بحمص كان اللقاء مع الفنان فضة الذي تحفل سيرته الإبداعية بالعديد من المشاركات الفنية ( مسرحيا , إذاعيا , سينمائيا , تلفزيونيا ) و الذي نال عدة جوائز ربما أهمها جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم (ليالي ابن آوى ) للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد , في مهرجان دمشق السينمائي , كما كرّم في مهرجانات محلية وفي أقطار عربية أخرى .

أشار الفنان فضة في بدء حديثه الى أهمية الفنون والتزامها بهموم الانسان الذاتية و الاجتماعية والكونية , والى أن المجتمعات البشرية تستعين بالفنون عند الأزمات لتؤكد وجودها , ولتكون سلاحا يحدد مصيرها , دون أن يغفل الفنان فضة عن أن ذلك مسلمات بديهية , وفي إشارة أخرى رأى أن الإغريقيين تربوا على قيم الفنون التي أبدعوها والتي عكست فلسفتهم أيضا , وكذلك الحال مع الأوروبيين في مراحل تاريخية عدة أهمها عصر النهضة التي كان للفنون الدور الأكبر فيها , كما أشار الى استخدام العولمة للفنون في سبيل خدمة أغراضها , ورأى الفنان فضة أن من أهم شروط الفن : الحرية , والحرية تعني بالنسبة له عدم تقليد الآخر بل أن يقدم الفنان خصوصيته , ثم توقف عند مرحلة البدايات لمسيرته الفنية , والبدايات موسومة دائما بالصعوبات , اذ أشار الى معوقات تحقيق الحلم في تأسيس خشبة مسرح بعد أن عاد من مصر منهيا دراسته الأكاديمية , وكيف حوّل مستودعا الى ما نعرفه اليوم بمسرح القباني دون أن تكون فيه أية وسائط فنية مساعدة , وقدم على خشبته عمله الإخراجي الأول “الأخوة كرامازوف ” لكن مع مجيء ثورة آذار العام 1963 أولى حزب البعث العربي الاشتراكي الفنون اهتماما خاصا فبدأ المسرح يتجاوز المعوقات فتحاورنا – والكلام لفضة – مع وزارة الثقافة لشراء أجهزة فنية وأعددنا مسرح الحمراء كمسرح , وسعينا الى ايجاد مجمع مسرحي فكان حجر الأساس لدار الأوبرا , والى تأسيس معهد عال في الفنون المسرحية , والى إصدار مجلات خاصة بالمسرح والفن التشكيلي , وبعد هذا البحث عن البنية التحتية للحركة الفنية و المسرحية و السعي الى تحقيقها والذي استهلك من الوقت حتى أواخر الثمانينات توجه الفنان فضة من المسرح الى السينما والتلفزيون ليأخذ استراحة المحارب لكن ثمة معوقات في الانتاج التلفزيوني واجهته مع غيره , أهمها المردود الضعيف الذي بدأ يتحسن بعد ازدياد نسبة الانتاج و استقطاب معظم العناصر الفنية التي كانت تعمل في المسرح , فبقي المسرح على حاله لضعف ميزانية وزارة الثقافة بالقياس الى ميزانية وزارة الإعلام ,وفي هذه الفترة بدأ المعهد العالي يخرّج العناصر التمثيلية الأكاديمية , وكذلك الأمر في المجال الموسيقي , وهذا ساهم في تطوير كل فن مع اختلاف النسب , و أول سؤال وجهه الحضور للفنان فضة كان : هل أنت راض عن الحركة الموسيقية في سوريا ؟ فأجاب : الحركة الموسيقية ليست جيدة و لهذا أسبابه التي تبدأ بحداثة المعهد العالي و الذي بدأ يخرج أجيالا جديدة بكل الاختصاصات و هم يحتاجون الى مزيد من الوقت ليقدم معظمهم ما عنده من إبداع , بالإضافة الى أن مبادرتهم قليلة قياسا الى زملائهم في فن الدراما , وإجابة على سؤال : ما اسباب غياب العروض المسرحية التي تجذب المشاهدين , قال فضة : لابد لعرض المسرحي أن يعوّض للمشاهد ما تقدمه له الفنون البصرية الأخرى التي تقدمها الفضائيات , على المستويين الفكري و الفني حتى ينجذب للمسرح , وهذه مهمة صعبة لا يتقنها إلا الفنان الصادق , والصدق بعالم الفن ليس البعد الأخلاقي , بل الصدق في عشق فن المسرح و الانشغال بقضاياه الفنية و الفكرية , أما ما الذي أخذه للمسرح , فقال تورطت دون أن أدري في عشق هذا الفن منذ أن كنت طفلا في المدرسة الأرثوذكسية في اللاذقية والتي تتلمذنا فيها على أيدي أساتذة فرنسيين الذين كانوا يكلفوننا بتجسيد مشاهد من مسرحيات لكتّاب فرنسيين , وهذا ما سقى البذرة الموجودة في داخلي فاتجهت لدراسة المسرح أكاديميا , وعلى سؤال ماهي أسباب التغيير المستمر في إدارات مديرية المسارح و الموسيقا خصوصا أنه شغل هذا المنصب لسنوات طويلة ؟ أجاب : بصراحة أنا مثلكم أستغرب هذا التغيير المستمر , ويخيل لي أن أية شخصية إدارية لن تفلح في تحقيق إنجازات مهمة ولا في استقطاب عناصر تمثيلية وفنية أخرى إذا لم يوضع تحت تصرفها ميزانية جيدة تسمح بظروف إنتاجية تليق بالفنانين , وسألته ” تشرين ” عن رأيه في المسلسلات المصرية التي تكتب خصيصا لهذا النجم أو ذاك وإن كان يطمح الى مثل هذا التوجه ؟ فأجاب : هذا التوجه قديم نوعا ما , وثمة أدوار كتبت خصيصا لي في الدراما التلفزيونية كدوري في ” بصمات على جدار الزمن ” و دوري في الفيلم السينمائي ” ليالي ابن آوى ” و أنا لست ضد هذا التوجه في كتابة أي مسلسل أو فيلم بشرط أن لا يهيمن النجم على وملائه في العمل و يحاول جذب كل أطراف العمل إليه ليبرز هو لأن ذلك سيضعف بقية الزملاء و هذا سيؤدي بلا شك الى ضعف العمل بشكل عام , كما سألته “تشرين ” عن الشخصية التي سيجسدها في مسلسل “نزار قباني ” الذي يخرجه الفنان باسل الخطيب , و إن كان يطمح في قابل الأيام الى أن تجسد سيرته الفنية الغنية بمسلسل . اجاب أولا بضحكة غامضة و بتواضع على الشق الثاني قائلا : الطموح الذي تسألني عنه أتركه للأيام و للأجيال القادمة , وقبل أن يتحدث عن شخصيته تمنى لو أن الظروف تجمعه بهدباء قباني ابنة المرحوم الشاعر الكبير نزار قباني لمحاولة إقناعها ليس بالعدول عن الدعوة ضد الشركة المنتجة للمسلسل فقط بل و إقناعها بالمساهمة في إنتاجه , لأن هذا المسلسل يؤرخ عموما لعائلة القباني و يقدمها بشكل مشرف , فوالد الشاعر نزار – و الكلام لفضة – الذي سأجسد شخصيته في المسلسل كان عنصرا فاعلا في أحداث فترة المسلسل من كونه كان عضوا في الكتلة الوطنية , وقد حرص على تربية أولاده , و مستوعبا لمخاطر الحركة الموجودة في مجتمعه و لتمرد الشاعر نزار و نقده بقصائده لما هو راكد في المجتمع , وهو الذي قال لابنه الشاعر العائلة قدّمت شهيدا و يقصد الجد ” أبو خليل القباني ” الذي أحرقوا له المسرح فهرب الى مصر مطاردا بالحجارة , وهي تستطيع تقديم شهيد آخر بشرط أن تذكر الأجيال عمله , فهو أب واع جدا لأهمية التجديد في الشعر و لمفاهيم الحياة , أخيرا , المصادفة وحدها جعل الفرقة التي أحيت الحفل الفني بعد هذا اللقاء هي فرقة أبي خليل القباني الموسيقية بقيادة الفنان جوان قره جولي عازف العود المعروف , الذي أحيا بمشاركة عماد السمان ( كونتر باص ) سهيل نابو ( كمان ) توفيق ميرخان ( قانون ) عدنان فتح الله ( عود ) محمد فتيان ( ناي ) عامر دهبر ( إيقاع ) و المطرب سليمان حرفوش حفلا فنيا تضمن باقة من فنون غنائية تراثية من دمشق و حلب و حماة , وعلى الرغم من قدمها إلا أنها أطربت نفوس الحاضرين لأنها أعمال أنجزت بمهارة إبداعية وقدمت بشكل لائق , و كانت الفرقة قد ختمت بقطعة آلية ساحرة اعتمدت على الارتجال و التناوب بين الآلات.

نضال بشارة

سيرته الشخصية.. سيرة لتاريخ المسرح السوري في نصف قرن

أسعد فضة: الفن لا ينفصل عن الواقع وكل فنان يقرأ الواقع وفقا لتجربته

يروي الفنان أسعد فضة تجربته الشخصية كمن يروي تفاصيل فترة مهمة في تاريخ المسرح السوري، أرسيت خلالها البنية التحتية للحركة المسرحية في سوريا خلال نحو نصف قرن لم تثمر عن حراك مسرحي لافت وحسب وإنما أسست لحالة فنية على صعيد السينما والتلفزيون والإذاعة، وأفرزت نجوما للدراما السورية ذاع صيتهم في كل أنحاء الوطن العربي.

ولعل من مفارقات الاستماع للفنان أسعد فضة , والتي تدعونا لتقدير تجربته , هو أن هذا الأخير كان كلما أعلن عن نيته الحديث عن تجربته الشخصية , سرعان ما يغادر التفاصيل الشخصية ليتحدث عن الشأن الفني العام السوري الذي عمل فيه منذ سنوات مبكرة من عمره , ولم يغادره إلا بعد فترة طويلة أعطى خلالها من سنوات عمره الكثير للحركة الفنية , ولا غرابة في ذلك , سيعلق الفنان فضة في نهاية مداخلته , ف ” مسيرة عملي كانت في الشأن العام , وحياتي كذلك , ولا يمكن أن أفصل بين الشأن العام و العمل الإبداعي , ولا يمكن أن أكون مبدعا في شغلي وفي فني ما لم أكن مبدعا و ناجحا في عملي الإداري “

نقيب الفنانين السوريين السابق، وأبرز من تولى مهام إدارة العمل الفني في سوريا، رجل المسرح والتلفزيون الأول أسعد فضة كان على موعد مع جمهور مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما في الإمارات العربية المتحدة، في ندوة أدارها الشاعر والزميل الإعلامي زاهي وهبي، حيث بدأ الرجل حديثه عن البذرة الأولى التي أنبتت في قلبه حب الفن، كان ذلك في مدرسته الخاصة في مدينة اللاذقية، حيث كان عليه أن يتعلم الفرنسية، كما يقتضي منهاج مدرسته، من المسرح الفرنسي، فتعرف على مسرحيين فرنسيين كبار من أمثال موليير.. ولم يكن قد تجاوز مرحلة دراسته الثانوية بعد، ويبدو أن هؤلاء قد أثاروا في قلب الشاب الرغبة بأن يصاحب الفن ويعشقه، وهو الأمر الذي ظهر جليا حين اختار التمثيل والإخراج مادة لدراسته العليا المتقدمة، رغم أن مجايليه كانوا يسعون في ذلك الى دراسة الطب.

نتيجة الوحدة بين سوريا ومصر، ستبدأ دراسة أسعد فضة من القاهرة ومنها سينتقل الى باريس لمواصلة دراسته العليا، كان ذلك في بداية الستينيات، وكان الجو الثقافي في مصر وقتها في أوجه، الأمر الذي ساعد فضة في أن ينهل علومه من أساتذة كبار منهم نبيل الألفي ومحمود مرسي، ومحمد مندو.. وعلى يد هؤلاء تعرف على كبار المسرح العالمي، واطلع على عروض مسرحية محلية وعالمية أغنت تجربته.

في سوريا , سيبدأ أسعد فضة مشواره العملي الحقيقي .. يقول الفنان فضة : كانت وزارة الثقافة وقتها حديثة العهد , وكان علينا أن نهيئ  كل شيء من أجل العمل في المسرح , ولم يكن في دمشق وقتها سوى مسرح القباني , فسعينا لبناء مسارح , وريثما ننجز المهمة لم يكن أمامنا مفر من البحث عن مكان بديل , وهو ما وجدناه في سينما الحمراء … فجعلنا منها مسرحا و بدأنا بالبحث عن البنى التحتية الأخرى اللازمة لعملنا , فأسسنا مجلة الحياة المسرحية و تواصلنا مع الصحف الرسمية لدرجة أن إحدى الصحف المحلية خصصت لنا صفحة أسبوعية كنا نكتب فيها أنا و الراحل سعد الله ونوس .

مع بدء العمل في المسرح، سيرى أسعد فضة أن المسرح السوري لم يزل يحتاج لاستحقاق أساسي إنشاء معهد عال للفنون المسرحية، و “من دونه كنا نجزم بأننا لن نتقدم ” بقول فضة،” فاشتغلت على إنشاء المعهد، وفي الطريق الى إقرار إنشائه، جعلنا المسرح القومي بمنزلة أكاديمية، فكان كل عرض يجري فيه يتحول الى دورة تدريبية للمشتغلين فيه “.

الى فرنسا سيسافر أسعد فضة لمتابعة دراسته العليا، وسيغيب سنتين قبل أن يستدعيه وزير الثقافة بين العامين 1966 – 1967 ليتولى مهام إدارة المسرح القومي، حيث نجح في تفريغ الممثلين خصيصا للعمل في المسرح، وبدأ العمل على النصوص المسرحية، ابتداء من النصوص العالمية.

طموح أسعد فضة تجاوز انشاء المعهد وتنفيذ مسرحيات سورية الى إقامة مهرجان مسرحي عربي، يقول الفنان فضة: أردت أن نجتمع كأسرة عربية مسرحية في دمشق، فكان مهرجان دمشق المسرحي الذي أطلقته نقابة الفنانين في سوريا، ومن خلاله استطعنا أن نعرض المسرح السوري في البلدان العربية، وكان المهرجان من دون جوائز لذلك كان المهرجان مهرجان حب وابداع وسهر، ومن خلاله اكتشفنا مبدعين عربا هم اليوم نجوم للمسرح العربي.

مع انتقاله الى إدارة مديرية المسارح والموسيقا في سوريا، قام أسعد فضة بتأسيس المسرح التجريبي في سوريا، وقد تحمس الكاتب الراحل سعد الله ونوس للفكرة، وتولى إدارة المسرح التجريبي، وخصص مسرح القباني له.

 

حتى العام 1976 يقول أسعد فضة: كنت قد ضربت بالعمل في التلفزيون عرض الحائط، ولكنني كنت أعمل في الإذاعة في برنامج يومي اسمه ” الأرض الطيبة ” والذي استمرت إذاعته نحو سبع سنوات، الى أن جاء المرحوم محمدو دياب بنص ” انتقام الزباء ” وقدمه للتلفزيون بشرط واحد هو أن يجسد أسعد فضة شخصية زبداي.. ومع هذا الدور بدأت تجربتي في التلفزيون.

في هذه الفترة اشتغل أسعد فضة للمسرح عددا من المسرحيات منها ” الملك هو الملك ” و ” سهرة مع أبي خليل القباني ” ويبدو أنه اختص وقتها بمسرح سعد الله ونوس.. كما قدم ” عرس الدم”

للوركا.. وعددا من النصوص المسرحية السورية.

في العام 1976 , وخلال أيام مهرجان دمشق المسرحي، أعلن عن إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية، وتولى التدريس فيه الى جانب أسعد فضة الراحل فواز الساجر.. وقد تم اختيار مبنى لمحافظة دمشق في دمر مكانا للمعهد، وتم اختيار الدفعة الأولى للمعهد التي تخرجت وقدمت للفن السوري أشهر نجومه منهم الفنانون أيمن زيدان، جمال سليمان، فايز قزق وآخرون.

كتب أسعد فضة للمسرح كما مثل فيه وأخرج له.. ويقول الرجل إنه في كل مسرحياته كان يتوخى التوازن بين ما هو جماهيري وما هو فني.

في التلفزيون سيعمل أسعد فضة وفق آلية اختيار دقيقة لأعماله، فكان انتقائيا لما يعرض عليه من نصوص.. وقد ساعده الاختيار – كما يقول – على تحقيق النجاح في التلفزيون.

أما السينما، ورغم انتاجها القليل، فقد عمل أسعد فضة في أكثر من فيلم سينمائي، واستطاع الرجل أن ينال جوائز على أعماله فيها.. ومن تلك الأعمال ” ليالي ابن آوى ” و ” رسائل شفهية “

و ” قمران وزيتونة “و ” القلعة الخامسة “.

مداخلات الندوة تركزت في معظمها على أهمية تجربة الفنان أسعد فضة وعلى جاذبيته ممثلا، وملهما لمن يقف أمامه، فضة، وعلى أنه واحد من الأساتذة الكبار.. فيما قال الفنان فضة، ردا على أسئلة المتداخلين: ان الفنان عندما يصاب بالإحباط يخسر المعركة، والفن لا ينفصل عن الواقع وكل فنان يقرأ الواقع وفقا لتجربته وثقافته وانتمائه.

ظهر في خمسة أعمال خلال رمضان وأعماله فاقت الخمسين

أسعد فضة: لا أحب ان احصر نفسي في لون محدد من التمثيل.

أنور بدر

أسعد فضة فنان حقيقي، غادر قريته في الساحل السوري فتيا الى مصر، وعاد عام 1963 بعدما درس فن التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة، ليبدأ مشوار عطائه على مسارح دمشق التي عرفته مخرجا في 24 مسرحية، كما مثل في 12 مسرحية.

كرّم منذ أيام في حفل افتتاح مهرجان دمشق المسرحي الأخير , الذي أداره و أشرف عليه في أكثر من دورة , كما كرّم قبل عام في حفل إعادة افتتاح مسرح الحمراء بدمشق , وفي مهرجان دمشق السينمائي أيضا , اذ سبق وعمل في خمسة أفلام ليس أهمها ” ليالي ابن آوى ” الذي نال عليه جائزة أفضل ممثل في مهرجان دمشق السينمائي , كما نال جائزة أفضل ممثل في دور تاريخي عن مسلسل ” العوسج ” في مهرجان القاهرة للإذاعة و التلفزيون , والذي منحه أيضا جائزة تقديرية عن مسلسل ” الجوارح ” وهو من اخراج نجدت أنزور , الذي أعاد تقديمه لنا هذا العام في شخصية ” عبد الملك بن مروان “

فاقت أعمال أسعد فضة الدرامية الخمسين مسلسلا، وكان لسنوات مديرا للمسارح والموسيقى في وزارة الثقافة، وهو الآن نقيبا لفناني سوريا

حول تكريمه وإطلالته الدرامية الأخيرة كان ل “القدس العربي ” هذا الحوار مع الفنان أسعد فضة.

    • بداية ماذا يعني التكريم بالنسبة لك ؟

إذا أردنا ان نتكلم عن التكريم، فإن تكريمنا الحقيقي كفنانين ومثقفين جاء من خلال عودة مهرجان دمشق المسرحي، لما يمثله في ذاكرتنا وفي طموحاتنا من ارتباط عضوي ليس مع الفنانين والمسرحيين السوريين فقط، بل وكل المسرحيين العرب، لذلك أقول إن عودة هذا المهرجان هو التكريم الكبير لنا.

أما بخصوص التكريم العياني أو الاسمي لي كفنان مع مجموعة من الزملاء، في هذه الدورة بالذات، فهو يعني لي الشيء الكثير، لأنه اعتراف أو بطاقة شكر على جهودنا، وهذا يرتب علينا مسؤوليات كبيرة بالمقابل كما أنه يشد بعضنا الى خشبة المسرح، واعتقد أنني كنت بحاجة الى شيء يشدني الى خشبة المسرح بعد انقطاع طال بيننا.

وفي النهاية لا يسعني الا أن أتقدم بالشكر لوزارة الثقافة ومديرية المسارح وإدارة المهرجان على الجهود التي بذلوها لإنجاح هذه الدورة من مهرجان دمشق المسرحي، مؤكدا أن عودته هي التكريم الكبير لنا جميعا.

    • في دور ” عبد الملك بن مروان ” أعدت للمشاهد ألق الأعمال التاريخية الهامة ؟

مسلسل ” فارس بني مروان ” من أهم الأعمال التاريخية التي عرفتها شاشة رمضان، وقد جاء الأستاذ محمود عبد الكريم في كتابته، حيث أعطى فترة بني أمية حقها وأنصفها، وخلصها من بعض المفاهيم الأيديولوجية المسيطرة، أو لنقل إنه نقل الصراع في الدولة الأموية من حقل الأيديولوجيا الى حقل السياسة، باعتباره صراعا سياسيا على السلطة.

وإذا كان العمل يرصد سيرة حياة ” مسلمة بن عبد الملك ” ابن الخليفة ” مروان بن عبد الملك ” وشقيق أربع خلفاء لاحقين، فإنه رصد من خلاله فترة ازدهار الدولة الأموية من الفتوحات الى الشعر، ومن البطولات الى العلم، فهذه الدولة التي امتدت من حدود الصين الى قلب أوروبا شكلت حالة غنية بكل شيء، وصولا الى الصراعات الداخلية التي حكمت علاقات السلطة فيها.

أما عن دور الخليفة ” عبد الملك بن مروان ” الذي أجسده، فقد كان شخصية استثنائية وسط عصر من الصراعات السياسية والأيديولوجية المتباينة، فلجأ الى نوع من القسوة في إدارة الأزمة ليمسك بخيوط اللعبة، حتى نجح في بناء أهم دولة في عصره، وكثير من المؤرخين يعتبرون ” عبد الملك بن مروان ” هو الذي بنى الدولة الأموية على أسس صحيحة وبمفهوم جديد للدولة، وليس ” معاوية بن أبي سفيان “

ورغم كثرة الأدوار التاريخية التي لعبتها، إلا أن شخصية ” عبد الملك بن مروان ” أسرتني منذ قراءة النص، حيث كانت مرسومة بأكثر من مستوى، وهو ما دفعني خارج حدود التعاطف معها أو أن أحبها، إن ما حدث هو تقاطع عجيب بيني وبين هذه الشخصية، جعلني أقدمها بصدق كبير.

    • في هذه الدورة الرمضانية شاهدناك في أكثر من دور تاريخي ؟

الدور الأساسي الذي لعبته هذا العام كان دور ” عبد الملك بن مروان ” إذ أن مسلسل ” الطارق ” عمل صور العام المنصرم عن شخصية طارق بن زياد، إلا أن عرضه تأخر حتى هذه الدورة.

أما بخصوص مسلسل ” العدول ” فهو يندرج تحت يافطة الأعمال الفانتازية، مع أنه يستعير الأزياء التاريخية، وهو نمط من المسلسلات التي تألقت فيها الدراما السورية.

ودوري في ” العدول ” يختلف عن أدواري السابقة، إذ ألعب شخصية ” الأنوق ” وهو انسان فيه الكثير من الغموض والثعلبة، حتى أنه استغل غياب ” العم – الحاكم ” في ظروف غامضة لمدة عشر سنوات، حتى اتيح له أن ينقض على السلطة، وكان خلال السنوات العشر السابقة قد أنجز عددا من التصفيات السياسية والشخصية في جواره، يخوض ” الأنوق ” صراعاته من أجل الوصول الى السلطة، ثم يبدأ صراعه الآخر مع الناس، حيث يواجه بثورة شعبية تنجح في الانتصار عليه، وعموما كانت شخصية الأنوق شخصية مركبة وغير أحادية الجانب

وأهمية هذا العمل من خلال المقولة التي يحملها، والأمل الذي يزرعه، وهو أول عمل تاريخي للمخرج ” إياد نصار ” الذي ارتقى بالعمل من مستوى الحكاية الى مستوى المقولة والعبرة، وقد وفرت الجهة الانتاجية في الأردن ” أنجاد فيلم ” الكثير من مقومات نجاح هذا العمل.

    • إضافة لذلك كان لك ادوار هامة في الدراما المعاصرة ؟

لعبت في مسلسل ” قتل الربيع ” دور رجل شكاك، انفصل عن زوجته قبل عشرين عاما بسبب شكه بخيانتها، لذلك لم يعد يثق بالنساء، وهذا ما ينعكس على علاقته مع ابنته الوحيدة، فكلما جاءها عريس يسعى الى عرقلة زواجها منه، حتى يفاجأ بعد كل هذا الزمن ببراءة زوجته فيصيبه الندم بعد فوات الأوان، ويدرك الهاوية التي أوداه بها سوء الظن، وانعكاس ذلك على ولده.

المسلسل دراما اجتماعية معاصرة، من إخراج يوسف رزق، تحكي عن مجموعة أسر تقطن في بناء واحد، لكل أسرة مشاكلها وهمومها، وهو يرصد تناقضات النفس البشرية في مواجهة هذه الإشكالات الحياتية، والتي تنقلب باستمرار في مواجهة الواقع.

كما أديت شخصية زكي بيك في ” الخيط الأبيض ” مع المخرج هيثم حقي، وهي شخصية رجل عصامي يمتلك امبراطورية مالية ويسعى الهيمنة في أكثر من مجال.

    • هذه الشخصية بقدر ما بدت إشكالية بقدر ما كانت واقعية ؟

شخصية زكي بيك نموذج لشخصية مدير سابق في القطاع العام، استغل منصبه لبناء ثروة شخصية، وارتكب العديد من الأخطاء، لكنه بعدما انتقل الى القطاع الخاص، وأصبح رجل الاقتصاد البارز في المجتمع، وأنشأ العديد من المؤسسات التي ساهمت في تقدم اقتصاد البلاد، هل نغفر له تاريخه واخطاءه السابقة؟

هذا الموضوع مهم جدا على صعيد المقولات المطروحة في هذه المرحلة، وخاصة ما يتعلق منها بالانتقال من الاقتصاد المركزي الى اقتصاد السوق، وهو طرح ملّح في واقعنا.

المسلسل يتحرك في خطين دراميين، الأول يعالج قضايا الإعلام والمؤسسات الإعلامية التي تطرح لأول مرة دراميا، بينما الخط الثاني يعالج واقع هذه الشريحة الاقتصادية الجديدة، وعلاقتها بالتحولات الاقتصادية والسياسية الراهنة في واقعنا.

    • مشاركتك في كل هذه الأعمال ألا تشكل ضغطا على الممثل ؟

أنا أولا لا أصور في عملين دفعة واحدة، انتهي من عمل لأبدأ في آخر، خاصة وأن ظروف عملنا تساعد في ذلك، لا تظن أن تصوير أي دور في مسلسل – حتى الرئيسي منها – يستغرق أكثر من شهرين، وبالتالي يستطيع الممثل أن يرتاح لينتقل الى عمل آخر، ويبقى هذا جهدا وارهاقا على الصعيد البشري، أما على الصعيد الإبداعي فلا توجد خطورة، يستطيع الممثل دراسة الشخصية التي سيلعبها والعصر الذي سيتحرك فيه بدون تشويش.

ومع ذلك، وكي لا أكرر نفس الأدوار، اعتذرت هذا العام عن سبعة أعمال فيها كثير من التشابه بينها وبين الأعمال التي نفذتها أو شاركت بها.

    • كان التنوع واضحا في ادوارك ؟

أنا من نوع المخرج الممثل في المسرح، ولا أحب أن أحصر نفسي في زاوية معينة، أو لون محدد من التمثيل، لا التاريخي ولا المعاصر ولا الكوميديا أو التراجيديا، أنا أمثل أي نوع من أنواع الدراما، المهم بالنسبة لي هو مقولة العمل … جودته … المخرج … الجهة المنتجة، وهل ستوفر معطيات نجاح هذا العمل؟

والى أي درجة أستطيع أن أوصل من خلال شخصيتي مقولة العمل؟ هذه هي الأشياء أو المسائل التي تعنيني أولا وآخرا، والتي على الممثل أن يهتم بها.

مقدمات: لحوار شامل عن المسرح

قد يكون الحديث عن المسرح، بعد كل المناقشات التي دارت بين المثقفين والمسرحيين العرب أثناء وبعد انعقاد مهرجان دمشق للفنون المسرحية بمثابة التكرار، ذلك أن الحوار الذي جرى بينهم كان شاملا لكل الخطوط العريضة للمسرح العربي وجزئياته.

لكن ما كتب عن المسرح في سورية في كل الصحف والمجلات بعد انتهاء مهرجان دمشق للفنون المسرحية العربية يجعلنا نتساءل عن موقع هذا المسرح … وأهدافه، ان كان ذلك فيما يتعلق “بالمادة التي تقدم، أم بالجمهور “.

أسعد فضة.. مدير المسرح القومي أجاب عن سؤالين كانا بمثابة البداية لحوار طويل مفتوح لكل العاملين في المسرح..

    • كيف يتم التخطيط للمواسم المسرحية في المسرح القومي ؟
    • أثر مهرجان دمشق للفنون المسرحية على المسرحيين و المسرح عندنا ؟

ظل المسرح منذ انشائه وحتى عدة سنوات تلت لا يستطيع أن يضع برنامجا يتخطى الثلاثة أشهر، وخلال الأشهر الثلاثة يشرع في إكمال ما تبقى من برنامجه.

ومن خلال معاناة هذا الوضع وتصور الوضع الأفضل وهو ان أي مسرح لكي يحقق في النهاية نتائج يمكن تقييمها لا بد له أن يعرف الخط المتطور الذي يجب أن يسير فيه على المدى البعيد، ومن معرفة برنامجه السنوي أيضا على المدى القريب بدءا من نوعية المسرحيات التي يقدمها وحجم موسمه بالنسبة لعدد المسرحيات ومدة عروضها وتحديد ارتباطاته الأخرى الى برنامج تدريباته والبحث عن وسائل تطوير عناصره.

والآن اطرح السؤال اين المسرح القومي مما ذكرت؟

على المدى البعيد هناك تصور للخط المتطور المفروض على المسرح القومي أن يسير فيه تتلخص ملامحه بإيجاز في عدة نقاط اذكر منها على سبيل المثال:

    1. الجمهور: لابد للمسرح أن يخلق علاقة جدلية بينه وبين الجمهور يترتب على هذه العلاقة أن يكون المسرح لكل الناس ما أمكنه ذلك، وأن يربي جمهورا مسرحيا عريضا على أسس سليمة بعيدة عن الدغدغة والتضليل والتعالي والاسفاف والبساطة الساذجة.
    2. الغذاء الفكري والفني: على المسرح أن يقدم لجمهوره غذاء فكريا وفنيا يتصف بالتقدمية والنقاء والوضوح على أن يقدم ذلك في قالب ممتع يتقبله الجمهور ويهضمه بيسر وسهولة. ولا يمكن أن يتم ذلك إذا لم يتوفر شرطا أساسيا هو أن يعالج العمل الفني كل الوسائل المرضية في تكوين الانسان وخلق عناصر الصحة عنده، وبمعنى آخر أن ينبع العمل الفني من انساننا ليعود إليه.
    3. تطوير المسرح (عناصره ووسائله).
    • تطوير العاملين في المسرح و اغناء كوادره.
    • تطوير وسائله التقنية من أجهزته الى أبنيته.

وعلى المدى القريب فقد توصل المسرح القومي الآن الى وضع خطة سنوية لبرنامج عمله تتلخص في:

تحديد حجم موسمه على الشكل التالي:

    1. يقدم المسرح القومي موسما مسرحيا في العاصمة يتألف من أربع مسرحيات جديدة ضمن الهدف الذي ذكرته من قبل قليل، ثلاثة للموسم وواحدة لمهرجان دمشق على أن تعرض في الموسم الذي يلي المهرجان.
    2. اعادة عرض مسرحية أو مسرحيتين من ” روبورتوار ” المسرح لكي يبقى تراث المسرح حيا متجددا، وتبقى علاقة الجمهور بهذا التراث قائمة.
    3. تحديد ارتباط المسرح بجولاته خارج القطر خلال شهر تشرين الأول
    4. تحديد مدة الموسم المسرحي في العاصمة ابتداء من اوائل شهر تشرين الثاني لغاية النصف الثاني من شهر آذار.
    5. جولة المحافظات: بعض المحافظات خلال النصف الثاني من شهر آذار والبعض الآخر خلال شهر أيار لغاية حزيران.
    6. الارتباط بمهرجان دمشق للفنون المسرحية خلال شهر نيسان.
    7. خلال شهر حزيران وبعد الجولة اجتماعات عناصر المسرح لتقييم الموسم السابق وجولة المحافظات وبحث الموسم الجديد.
    8. اجازة المسرح ابتداء من أول تموز لغاية العشرين منه.
    9. البدء بالتدريبات على الموسم الجديد بعد الاجازة لغاية سفرة خارج القطر في شهر تشرين الأول ثم البدء بالموسم في بداية تشرين الثاني واستمرار التدريبات خلال الموسم.

المسرحيات تختار من الأدب العالمي والعربي والمحلي، على أن تقوى الدعامة الأساسية لنهضة المسرح وهي المؤلف المحلي، وطبعا هناك بعض العقبات تقف في طريق تنفيذ هذا البرنامج نحاول التغلب عليها، منها:

توسيع كادر المسرح – تنفيذ ارتباطاته خارج القطر – تنسيق عمل عناصر المسرح في المؤسسات الفنية الأخرى اذ لابد لهذه المؤسسات من الاعتماد على عناصر المسرح نظرا لجودتها ولقلة العناصر الفنية في بلدنا نسبيا، عدم وجود معهد يرفد الحركة المسرحية بعناصر جديدة.

ان ما يغني الحركة المسرحية العربية هي اللقاءات المسرحية بوجوهها المختلفة من تبادل الخبرات الى تبادل النصوص الى لقاءات المسرحيين العرب مع بعضهم و مع الجمهور العربي في كل الأقطار العربية سواء عن طريق لقاءات فردية للفرق أو لقاءات جماعية كما في مهرجان دمشق للفنون المسرحية , ومما لا شك فيه أن الظاهرة الفنية و الثقافية المتوفرة في مهرجان دمشق للفنون المسرحية و المهرجانات الأخرى المماثلة هي أنجح و أقوى الوسائل لتطوير الحركة المسرحية , واعتقد أن أثر ذلك على المسرحيين واضح , فمن خلال لقاءات خبرات المسرحيين العرب مجسدة على خشبة المسرح و تفاعل آرائهم خلال المهرجان و تركيز الأضواء على سلبيات و ايجابيات المسرح العربي يساعد المسرحيين على تخطي العقبات التي يعاني منها المسرح العربي , ويساعد ايضا كل مسرح عربي على حدة أن يعالج مشاكله مستفيدا من تجربة المسارح العربية الأخرى .

هناك جانب آخر لا يمكن اغفاله وهو الحافز الذي يخلقه مهرجان دمشق لدى المسارح العربية للإنتاج الأفضل والأمثل والأكمل.

منيف حسون  

الفنان السوري الكبير المكرم “أسعد فضة “

المسرح يمكنه مقاومة محاولات الهيمنة تحت ستار العولمة.. ويساهم في حوار الحضارات

من بين كبار المسرحيين الذين يكرمهم المهرجان هذا العام يبرز اسم الفنان السوري الكبير أسعد فضة، الذي يشغل منصب نقيب الفنانين السوريين منذ عام 1998 , ويرأس المركز الدولي للمسرح في دمشق منذ عام 1968

ودرس أسعد فضة في مصر، وتخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة عام 1963 , ثم ذهب الى فرنسا للدراسة.. وعاد منها ليعمل مخرجا وممثلا بالمسرح القومي السوري ثم كلف بإدارته بالإضافة الى مسئوليته عن لجنة المسرح في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب.

التقت نشرة المهرجان بالمكرم السوري ” أسعد فضة ” وأجرت معه هذا الحوار …

    • كيف ترى المشهد المسرحي العربي الآن ؟

في الحقيقة لابد أن يتفاءل الانسان بالمشهد المسرحي العربي، ولكن بالمقابل لابد أن نضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالمسرح العربي فهو يعاني الكثير من المشاكل، في مقدمتها الإهمال.. ولا يعني أن يكون هناك معاهد ومسارح وفرق أن هناك نهضة مسرحية … الأزمة الحقيقية أن المعنيين بالمسرح معرضون عنه، ومشغولون بأمور أخرى.. مثل التلفزيون والسينما، لذلك رغم هذا التفاؤل فإن المسرح يتعثر في كثير من الأحيان، ويحتاج الى وقفة للفنان المسرحي.. وألا يتعلل بمعوقات الإدارة، والمفروض أن يقوم هؤلاء الفنانون بحركة فنية تساعد على نهضة المسرح العربي.

جسر للحوار

    • العالم الآن ملئ بالأحداث السياسية و الضغوط على العالم العربي كثيرة. فهل تأثر المسرح العربي بتلك الضغوط السياسية؟

هذه التفاعلات والممارسات موجودة، وتمارس على الأمة العربية منذ زمن.. وهنا يأتي سؤال: أين المسرح؟!

وأحب أن أؤكد أن المسرح لا يمكن أن يقوم بدور الإعلام لأنه ليس جهازا إعلاميا.. ولكنه يمكن أن يقوم بدور كبير في حوار الحضارات من خلال حركة التجمعات المسرحية، ويكون جسرا للحوار في هذا الجو المليء بالاضطرابات

بالإضافة الى استطاعته أن يوجه خطابا مباشرا.. أما فيما يسمى ” بالعولمة ” فلا بد للإنسان أن يتواصل مع الإنسان للوقوف أمام المحاولة التي تجري للهيمنة على الإنسانية كلها من خلال قوة واحدة، ويجب أن يعلم العرب أننا الأسبق حضاريا.. وأننا مهد الحضارة، المفروض علينا أيضا ألا نخاف من حوار الحضارات.

    • ولكن هل يعي المثقف العربي كل ما يحدث حوله و إذا كان يدرك. فلماذا لا نراه ينتج ما يجعلنا نقاوم محاولات الهيمنة التي تتم؟

الموضوع ليس موضوع نقد أمريكا أو مهاجمتها.. وأنا أضع الحقيقة وأطالب بالمحاورة، وأرى أننا يجب أن نعمل في هذا الاتجاه، ولابد أن يعرف الجميع أن السياسة شيء والفن شيء آخر، ولا يمكن للفن أو الثقافة أن يجاريا السياسة فالسياسة ليس لديها قانون أخلاقي، أما الثقافة والفن فلهما ثوابت.

أما بالنسبة للمثقف العربي ودوره، فلابد أن بتوافر جو الحرية، الذي يمكن من خلاله أن يقوم بدوره المنوط به.

    • أثرت في ردك هذا قضية الثابت و المتغير, وهي قضية حولها الكثير من الاختلاف … فماذا تعني بالثوابت ؟

أنا لا أقصد بالثوابت البعد الأخلاقي، أنا أقصد ضمير الأمة.. أما الثقافة فهي متغيرة بحركة الشعوب.

وعندما نتحدث عن المسرح التجريبي مثلا نجد أن التجريب لا يأتي من فراغ.. وإنما نتيجة حركة مجتمع، وأيضا لا يمكن أن يكون هناك تيار تجريبي في المسرح ويكون هناك حركة مسرحية ضعيفة، فالتجريب ينبع دائما من تجديد الحركة المسرحية التي تنتج من خلال حركة المجتمع نفسه.

التجريب وحركة المجتمع

    • وأين ” أسعد فضة ” من كل هذه القضايا ؟

منذ أن بدأت أعمل في المسرح وأنا أؤمن أن المسرح لا يستمر إلا من خلال التجريب، وفي سوريا مثلا كان لابد من التجريب.. للتعامل مع الأشكال المسرحية الجديدة والفضاءات المسرحية غير المكتملة، وكنت أتعامل مع الفضاء المسرحي والنص.. لأنه كان لابد من إعادة تفكيك النص وإعادة تركيبه ليلائم المتلقي في ظل التغيرات الاجتماعية الموجودة الآن.. وما يعنيني في الأساس هو مضمون العمل المسرحي، وأيضا التجريب من خلال تقنيات التمثيل.. والتعامل مع الممثل وتطويره حتى يستطيع التعامل مع مفردات التجريب..

وقد قدمت “عرس الدم” للوركا هذا النص الذي يحمل الخيال والواقع بشكل تجريبي، وأيضا في ” التنين” كنت أجرب من خلال البحث عن أفضل الوسائل للتعامل مع الجمهور، فالتجريب عندي ليس هدفا، وإنما وسيلة للوصول للهدف والذي طور فكري في التجريب هكذا هو حركة المجتمع الذي أحيا فيه، لأنه هو الذي يقوم بتطوير أفكاري.. وعلمني كيف أنقل للجمهور لغة صعبة ويفهمها وعندما أديت دورا تاريخيا في أحد المسلسلات التلفزيونية كان لابد أن أجعل أدائي أداة وصل بين مضمون العمل والمشاهد.

ويفهمني الجميع.. رغم ثقل اللغة التي أتحدث بها وأتعامل معهم من خلالها، لأن أمتنا معظمها للأسف لا يعرف القراءة والكتابة، وقد فعلت هذه التقنية في التعامل مع عرض “الملك هو الملك”

تأصيل المسرح العربي

    • دعاوى التأصيل للمسرح العربي التي حاولها عبد الكريم رشيد وسعد الله ونوس وتوفيق الحكيم, لماذا لم تكتمل حتى الآن ؟

هذا لا يمكن أن يتم.. وما يطرح هو بعد فكري، وكل المبدعين الذين يحاولون تأصيل وتحديث العمل المسرحي مازالوا هم أنفسهم بينهم جدل وكثير من المفارقات، وهذا في حد ذاته يخلق حالة جيدة من الانتاج الثقافي والفكري لصالح حركة المسرح العربية.

    • لماذا لا يكون هناك نظرية عربية تحمل منهجا في التمثيل للممثل العربي ؟

ليس بالضرورة أن يتبع الجميع منهج ستانسلافسكي وهناك أيضا بحوث تجاوزت كل هذه المناهج المطروحة.. والتي يعملون من خلالها الآن، ولا يمكن أن نطالب بنظرية خاصة للممثل العربي..

ولا أتصور أن يصل أحد الى منهج للممثل العربي خصيصا، لأن أي منظر لمناهج التمثيل لم يكن يضع هذا المنهج لجنسية واحدة بالتحديد.

    • ماذا استفاد المسرحيون العرب من 14 دورة للمهرجان التجريبي ؟

المهرجان التجريبي قدم الكثير للمسرحيين العرب، وهو حدث مسرحي يدعو للسعادة.. ولكن لابد من إعادة النظر في مستوى العروض والأعمال المشاركة في المهرجان، لأن الكثير من العروض لا ينطبق عليها صفة التجريب، أما أكثر فوائد المهرجان التجريبي على العرب فهو أنه جعلهم يعيدون النظر فيما يقدمونه.. وينظرون نظرة أخرى الى العملية الإبداعية التي يقومون بها.

من تقاليدي المدرسية أن أمضي مع طلابي في البكالوريا مرة أو مرتين كل عام لحضور عرض مسرحي عربي نناقشه فيما بعد حسب العناصر الفنية التي ندرسها لهم.

 قبل أيام مضيت بهم كعادتنا – وكنا نزيد على المئة – إلى صالة الحمراء لحضور مسرحية (حكاية بلا نهاية) وهي من تأليف وإخراج الممثل والمخرج المعروف أسعد فضة.

استمر العرض ساعة ونصف دون انقطاع وحين خرجنا إلى العراء سرنا فيما يشبه مظاهرة من مظاهرات الفرح الاجتماعي ونحن نتحدث عما رأيناه. لم يكن ثمة ضرورة لأن أسألهم هل أعجبهم العرض أم لا؟ كانت البهجة الطافحة في وجوههم وكلماتهم خير جواب، غير إنني سألتهم: ماذا فهمتم من المسرحية أو ماذا أرادت أن تقول؟

كنا في الشارع تحت ليل دمشق الجميل وأنا أصغي إلى إجابات الشباب تنهمر من هنا وهناك، كانت إجابات صريحة – شجاعة – ذكية لم أكن أتصور حقاً أن تكون على هذا المستوى. قلت لهم: حسن.. هذا يكفي الآن وغداً نتابع الحديث، ثم ودعتهم ومضيت إلى داري.

وحين اجتمعنا في المدرسة استأنفت الحديث الممتع كنت أسأل وأستمع وأعلق ويالروعة ما سمعت من ملاحظات سألتهم مثلاً: ماذا يعني في المشاهد وعلاقة كل ذلك بالتغريب وأسلوب التناول والهدف الأساسي. لماذا كانت الساحة التي قدمت عليها فرقة (الديوك) الجوالة عروضها مليئة بالأقذار والنفايات وعند أطراف المدينة في حين امتدت وراءها لوحة كبيرة سوداء، للعمارات السكنية العالمية وقد ملأت سطوحها هوائيات التلفزيون ماذا يعني تصرف المعلمة القمعي القاسي في مشهد مدرسة الأطفال… ولماذا اختير الممثل المسمى (الخلد) – وهو الحيوان الذي يعيش عادة في أنفاق تحت الأرض – ليكون بخيلاً محتكراً للغذاء وكيف كان خطر الصراع المسرحي حسب توتر المشاهد المتصاعد. هل كان خطأ مستقيماً هرمياً أم متعرجاً لولبياً مفتوحاً على الذروة.. وفي المشهد الأخير حين كان (الخلد (يقرع الطبل قرعات عنيفة متباعدة والآخرون وهم داخل أكياس تحجب عنهم الرؤية يزحفون قفزاً على قرعات الطبل.. هل كان ثمة علاقة بين هذا المشهد وعنوان المسرحية (حكاية بلا نهاية)؟

كان الطلاب يرون وطنهم العربي ينفتح أمامهم عبر الحديث عن المسرحية وكأنهم يتعرفون عليه لأول مرة حتى لقد قال أحدهم: سوف أعيد مشاهدتها كي أتمتع وأفهم أكثر.

منذ زمن طويل اكتشفت عظمة المسرح كفن مازال قادراً على مقاومة السينما والفيديو والتلفزيون وعلى أن يصنع بالإنسان مالا تستطيعه تلك الفنون غير أنني بعد ذلك النقاش الرائع عاودت اكتشافي من جديد ولم أتمالك من أن أردد ذلك القول المأثور: (أعطني مسرحاً أعطك شعباً).

لقد استطاع أسعد فضة ومها الصالح وزيناتي قدسية وأيمن زيدان ونجاح سفكوني وتيسير إدريس ونعمان جود وحسين نازك وعيسى أيوب، وجميع الفنانين المشاركين الآخرين أن يسهموا حقاً بصنع شيء جميل يؤسس لخلق شعبنا العربي، ويمهد للنهاية السعيدة التي ينتظرها لحكايته، الحزينة منذ قرون طويلة.. شكراً لهم جميعاً لقد علمونا وأبهجونا حقاً..

أسعد فضة ووليد اخلاصي … رحلة الى مرفأ البدايات

أتاحت الفعاليات الثقافية المرافقة لمهرجان قلعة الحصن الأول رحلة قصيرة في الذاكرة تعانق فيها الماضي بكل تفاصيله الحميمة مع أرج المكان.. قصر الزهراوي في حمص.. فهو أيضا الماضي بشكله الأروع فحيث نظرت ستغريك الحجارة والأبواب والنوافذ لاكتشاف ما تختزنه من حكايات وأزمنة.. هي فسحة من الوقت منحتها حمص لضيوفها القادمين من عوالم الأدب والفن والموسيقا ونحن المسافرين في دروب الحياة، المثقلين بأحمال من الأحلام الصغيرة وبكثير من الخيبات والمتطلعين الى ضوء في آخر النفق، كم كنا نحتاج الى حفنة من الدقائق في ذلك المكان علنا نخاتل الحياة فنهرب منها قليلا.

الى هذا العالم السحري الذي نتنسم عبيره في الفنان ” أديبا او ممثلا او موسيقيا “

“هو ذاك الذي انجبته الصباحات فاستنشقته الحقول

وصارت تقول له ما تقول

فيمضي

وبين الضلوع سماء وماء

يؤسس بعد الكلام

ويرسم شكل المدى للمدى “

فهل يمكن لبعض وقت أن يختصر أزمنة التعب والعطاء؟!

أسعد فضة بدأ برغبة في الحوار بعيدا عن الورق والقراءة والاستماع فعنوان اللقاء،” الفن والحياة “يشتمل على الكثير الكثير وقال: من المعروف أن الفن هو ما يجعل الانسان في حالة ابداع دائم وكذلك الوجود فهو حالة ابداع مستمر من خلال تحريكه للسكون الزمني فلا زمن يحد الابداع ومن مهام الفنون التزامها بهموم الانسان الذاتية والاجتماعية بل والكونية كما أن البشرية

 – تاريخيا – تستعين بالفنون عند الأزمات و عندما تريد تأكيد وجودها, وأول شرط من شروط الفن هو الحرية التي تعني الابتعاد عن كل تقليد او نسخ و البحث عن الخصوصية لأننا نعيش ضمن نظام شعورية و عقلية واعية ولا واعية و بالتالي لا شيء ثابتا ضمن اسس و قواعد فالعالم متجدد و يجب ان نتجدد معه و لأن الفن تراث انساني علينا استيعابه ولكن لا بد من الابتعاد عن التقليد و العودة الى التجريب لنكتشف خصوصيتنا و جوهر انساننا عبر الفنون التي نقدمها.

وعن مسيرته في الفن ومعه قال: كانت البدايات في الستينات وهي مرحلة تأسيس حفلت بالكثير من الصعوبات والأحلام فعملنا في مستودع حولناه الى مسرح ” القباني ” وكنا ننجز المسرحيات الكبيرة، كما الاخوة كارمازوف، بواسطة “بلجكتور ” واحد وبدأت أحلامنا بحركة مسرحية تكبر ولكن لابد من توفر شروطها وبنيتها التحتية وككان من حسن حظنا عندما بدأنا عام 1963 حيث كانت ولادة حزب البعث العربي الاشتراكي واستلامه القيادة ان في اجندته هامشا كبيرا للفنون ودورها في حياة الشعوب وهذا ساعدنا كثيرا.

فكان التحضير لمسرح الحمراء ووضع حجر الأساس لدار الأسد للثقافة والفنون 1972 ثم المجالات المختصة والمعاهد التي ستخرج كوادر جديدة متخصصة فكان المعهد العالي للفنون المسرحية واخر للموسيقا.

في الثمانينات ذهبت الى السينما والتلفزيون كنوع من الاجازة – أضاف الفنان – ولكنها طالت وصعب على الرجوع الى المسرح رغم توقي الشديد له.

وعن المسرح في سوريا قال :هو موجود ولكن لابد من ايجاد أسس و قواعد و تقاليد مسرحية لعل أهمها الموسم المسرحي الذي يجب أن يكون قويا مستمرا و قادرا على جذب الناس فالعلاقة بين المسرح و الجمهور حساسة و دقيقة ولابد من مراعاتها اذ يجب ان اقدم لهذا القادم من بيته مادة تعوضه عن كل ما يعرض في الفضائيات ثم اشار ان العمل في المسرح يحتاج الى من يعمل فيه لهمّ ابداعي فقط دون النظر الى الهم المادي ثم هناك الصدق الفني والذي يختلف عن الصدق ببعده الأخلاقي وهو هنا يعني الموهبة و الخبرة و التقنيات و المهارات , وبعد بوح جميل للفنان أسعد فضة حلق جمهور حمص مع موسيقا فرقة ابي خليل القباني التراثية بقيادة الفنان جوان قره جولي الذي قال فيه العازف الشهير منير بشير ” لقد وجدت خليفتي في سوريا ” وقال عنه الموسيقي البارع صلحي الوادي ” هو من العازفين ذوي الإحساس العالي و المهارة التقنية عالية المستوى ” وقال الفنان قره جولي للثورة ” ان الفرقة تهتم بالتراث السوري والعربي الحديث منه والشعبي و الكلاسيكي وقد تأسست عام 1977 وقدمت أول عروضها في دمشق بحضور ألفي شخص كما شاركت في مهرجان الموسيقا العربية في مصر عام 1999 وفي مهرجان معرض دمشق الدولي عامي 2001 – 2002 كما في العديد من الحفلات الأخرى ” وقد قدمت الفرقة مجموعة من الوصلات الغنائية التراثية و ختمت بمقطوعة تعتمد الارتجال للحن معين يتناوب عليه العازفون و كان ختاما رائعا استحق تصفيق الجمهور طويلا ووقوفه احتراما لهذا المستوى الراقي من الموسيقا , وفي هروب آخر وراء الزمان ابحر الاديب وليد اخلاصي عميقا حيث وصلنا معه شاطئ البدايات ليذكر بعض الحوادث التي مرت به لتترك أثارا واضحة في مسار وعيه للمجتمع و الحياة و الادب فالفوضى التي عمت ساحة الملعب في حلب منذ 60 عاما و إثر سقوط طائرة قام طيارها بحركات بهلوانية في الجو احتفالا بعيد الاستقلال – و التي لم تصب احدا بأذى ولا حتى طيارها – جعلت الكل يتدافع هلعا وخوفا , فتساءل : هل تفسر تلك الفوضى في حلب ما سيمر بالوطن و البلاد العربية من فوضى و بصورة مستمرة ؟ وأجاب بأنه من خلال قراءاته المتنوعة عرف بأن الذعر الاجتماعي هو أحد وسائل الضعف في المجتمع وفي وجه ذلك لابد من مجتمع مكتمل التفكير في مجابهة الأحداث ومن خلال كل ما مر بالوطن منذ 1948.

تساءل هل نحن بحاجة الى عقل اجتماعي واع ومن يصنعه؟! وهل أنا شريك في ترميم او بناء جانب من ذلك العقل ام ان جهود الكتاب والسياسيين والفنانين عاجزة عن اعادة الوضع الاجتماعي الى حالته الطبيعية؟

وعن بدايات الكتابة فقد انطلقت من كتابة الرسائل الغرامية لأصدقائي العاشقين – وانا ما زلت في العاشرة – وقد عادت على بفائدة مالية – تذكرة سينما أو سندويش – لكن المسار فيما بعد اختلف وقد اكتشفت انني في اليوم الذي اكتب فيه حرفا واحدا او كلمة واحدة لست مؤمنا بها فإني خائن واحمد الله انني حتى الآن لم أخن كلمتي ولا نفسي.

وفي مجال الرواية ذكر أنه في الثمانينات شهدت حلب فترة صعبة فحرص على المكوث في البيت ولكي يقدم لنفسه العزاء في مواجهة تلك المصيبة الاجتماعية بدأ بكتابة رواية، بعد نشر الرواية ولمدة طويلة رافقته البطلة ” وهوب ” ذات المئة عام من العمر ” وهوب ” لم تمت لأنها كانت تمثل الوطن أو المدينة وقال: ” هذا هو سبب احتمالي لكل ما يجري في الوطن العربي وفي العالم من انهيار في الأخلاق والقيم والحريات ومع كل ذلك فأنا صامد “

وحول تقاطع حياته الواقعية مع كتاباته قال: أمام الكاتب قطاران قطار حياته الشخصية وقطار الأدب او ما اسميه قطار التخييل لأن معظم ما كتبته هو عملية اختراع لأشياء لا أعرفها انما مرتبطة بالواقع لدرجة تكاد أن تكون هي الواقع الحقيقي وحياتنا هي المزيفة وهذا التبادل قد يكون مفيدا او مؤلما.

وردا على سؤال أحد الحاضرين عن رأيه بالرواية السورية قال: هذا يحتاج الى رسالتي دكتوراه ربما، وهو سؤال خطير فهل يعرف أحدنا مثلا – فيما عدا القليل – الانتاج الروائي السوري؟ هل هناك انسوكلوبيديا للرواية السورية او العربية لتتم عملية الموازنة والحكم؟ كل ذلك مفقود، إذا فالأرضية العلمية لإطلاق الاحكام غير موجودة ومع ذلك فهذا لا يعفيني من الاجابة واسأل:

هل يستطيع المجتمع السوري ان ينتج شاعرا عظيما كل سنتين! ام كل 60 سنة؟ فاذا ما أحصينا ما كتب منذ عام 1946 وعالجنا الرواية والشعر والقصة سنجد كما هائلا من اللغو السخيف وسنجد ايضا علامات ترقى الى أحسن مستوى وهذا التناقض من طبيعة الأمور، ولكن لنتساءل هل من الممكن زيادة نسبة الاعمال العظيمة وستكون الاجابة بأنه لابد من توفير مشروع ثقافي وطني متكامل وهذا يتطلب تعميق وتكريس أربع نقاط اساسية في حياة السوريين.

تأسيس ثقافة العمل كي يصبح موازيا للصلاة والعبادة، ثقافة الاتقان في كل مجال من مجالات الحياة، ثقافة الابداع وان يعامل على أنه ثروة قومية وهنا لابد من تعاون الدولة والجهات والمؤسسات الاهلية واخيرا هناك ثقافة التوصيل اي كيف يمكننا ايصال الثقافة الابداعية للناس

وإذا لابد من العودة الى فلسفة التجريب التي أسست للحضارة الغربية والعدول عن فلسفة التسليم والتقليد.

ان الأدب مضاد حيوي قادر على مقاومة بعض الأمراض في المجتمع ولذا صارت الكتابة عندي أكثر جدية وهو ليس وسيلة للوصول الى غرض ما لأنه أكثر نبلا فهو وسيلة لخلق الجمال، وصرت متخصصا في البحث عن العيوب الاجتماعية لا لأسخر منها وانما لتكون وسيلة للتغيير في المجتمع فنجحت احيانا وفشلت احيانا أخرى..

سوزان ابراهيم

حكاية بلا نهاية:

بطولة جماعية… أداء متميز وعرض ممتع للمسرح القومي

فرقة الجوالة سمت نفسها فرقة اليرموك تقوم بعرض مجموعة ألعاب، تقدم فيها متعة حزينة وتسلية سوداء، تضحك للوهلة الأولى ثم ما تلبث أن تفكر، فتتألم، ويقودك الألم إلى السخط على الواقع، وهو الباب الأول الذي يؤدي إلى الثورة على قوة التعليب والحصار والإحباط.

يقول معد المسرحية ومخرجها أسعد فضة بأنه استفاد من مسرحية الدجاجة العمياء للكاتبة الأرجنتينية (روما ماهيو) بعد أن تمت ترجمة الأصل عن العامية الإسبانية، وعملية الكتابة الجديدة للمسرحية، والتي يعود قسم منها إلى جهد جماعي أثناء التدريبات أعطت المسرحية صفة التأليف.

    • يبدأ اللعب من الطفولة، شخصيات المسرحية تستعيد ذكرى طفولية، حيث يتناول الأطفال الخواف مع الدروس الأولى التي يتلقونها، الأطفال في المدرسة تعلب حركاتهم وعباراتهم، كل شيء يتم بمقدار ما تسمح لهم به المعلمة أو تعلمهم إياه، وحين ينفلتون من الرقابة تتفجر مكبوتاتهم، ويملؤون المسرح حركة وصخباً.

عياط (زيناتي قدسية) الصوت الحزين المتفرد هو النغمة الإنسانية المعذبة طوال المسرحية، الطفولة اللقيطة المشردة تبحث عن الأم، كأن البشرية كلها لقيطة مشردة بلا أم، بلا حب، بلا حنان. أتصور أن هذا الخط في المسرحية الأصل كان أكثر عمقاً وتناغماً مع الخطوط المتداخلة الأخرى فيها، أنا لم أطلع على النص الأصلي.

يكبر الإنسان، فينمو معه الخوف والحزن، وتزداد أدوات الحصار حوله، ويتخلص من الخوف والحصار، والاضطهاد فإنه يصبح مضطهداً (بكسر الهاء)، يصبح خلد الأرض، ينبق من الحجر، يمد رأسه المعفر من تحت التربة، يتجسس، ينقل إلى أسياده العتاة تقارير عن حركات رفاقه وأقوالهم، أو يصبح مديراً يحول موظفيه إلى آلات تعمل ولا تفكر.

هل كان هذا شريراً بطبعه أم بالحزن والجوع والخوف تحول إلى منتج للشر؟ تجيب عبارات في نص المسرحية بأن الشر غير موجود: لكن الحزن هو الموجود، والنفس عندما تحزن تعمل العجائب. هذا هو نموذج ثانٍ في المسرحية مثله نجاح سفكوني.

ذلك هو الواقع بكل قتامة فماذا عن الغد؟ المتنبئ (شكى بكى: أيمن زيدان) يستشرق عالماً آتياً فلا يرى غير الجثث والحرائق والموت، وأناساً تزدحم بهم الطرقات.. إذن لا أمل.. والكوميديا الإنسانية في حاضرها وغدها كوميديا سوداء.

ويستطيع الإنسان أن يكون حصاناً جموحاً وثمة قوة غشيمة تشده إلى الخلف، وتمتطي ظهره وينوء بثقلها الهائل، إنها قوى الظلم اللا حضارية فماذا تنفع كل مدبجات التحريض في تحريره من تلك القوى.. هذا مشهد آخر شخصه العرض.

أنت الباحث عن اللقمة واللقمة تهرب على مرأى منك، أنت الإنسان المكيس، المشلول الأعضاء بالقيود، يطلبون منك أن تدخل في سباق حضاري، تندفع ثم ما تلبث أن تسقط، هذا وضع غير معقول.. مشهد آخر شخصه العرض.

يحدثونك عن الجوع والمحرومين والثورة وفي بيوتهم التخمة، وفي محافظهم كل أنواع المهربات من المأكولات والمشروبات الأجنبية.. إذن ليس أمامك إلا أن تنتزع اللقمة منهم انتزاعاً.. وعجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه! هذا مشهد آخر شخصه العرض.

مراحل تمر بها حياة الإنسان خلال أوضاع لا معقولة، وفي النهاية يتألل هذا الإنسان، يصبح مجرد آلة ناسخة تعمل بالصافرة وتتوقف بالصافرة، وثمة حجب كثيفة تفصل الإنسان عن الإنسان، زميلاً كان أم نسيباً أم جاراً.. إنها المعايشة المشتركة الخادعة، إنها معايشة تشيبئية: هذا يتحدث عن مباراة في كرة القدم، وثانٍ عن دور الإذن، وثالث عن بواسيره، والرابعة عن شروق الشمس، البشرية غدت صماء، والحوار القائم فيها هو حوار الطرشان، إنه أقسى أنواع الانعزال إلى أعمال النفس فغير من تركيبها وتوازنها، خربها وغمر أجزاءها بطبقة كثيفة من الصقيع.. هكذا يفتقد التناغم البشري، ويصبح الفرد جزيرة منفصلة في محيط العماء الاجتماعي الجليدي. إنه مشهد آخر شخصه العرض المسرحي.

    • خمس شخصيات تعرض أمامك عالماً متفجراً بالحركة والصخب والعنف، لكنه في قراراته خامد مهزوم محبط، لأنه افتقد الحب الإنساني، استبدل به القسوة والظلم والحديد، ولبث بعض الأمل في النفس الإنسانية المعذبة عزفت الأغنية الأخيرة على وتر العودة، العودة إلى علاقات الحب الأولى:

(بسيطة بكرة الظلم بيدبل ومنرجع للعيشة البسيطة كيف يتألل الإنسان ويتشيأ إلى هذا الخد المحزن؟ كيف تجهض كل محاولات رفضه وتحقيق ذاته؟ كيف يعجز عن الوصول إلى حريته فيصبح مشوهاً إلى هذه الدرجة المخيفة، وتصاب روحه بحروق من الدرجة الثالثة؟ يتساءل المرء أية معقولية في هذا الطرح شكلاً ومضموناً؟

وبشيء من السبر نتعرف أن هذه اللامعقولية متجذرة في لا معقولية الوضع الإنساني، ولكشف الحقيقة، وللوصول إلى عرض الواقع وجوهره المخيف المكنون كان لا بد من البحث عن شكل خارج عن القواعد المتعارف عليها، وهذا ما عمل العرض على تحقيقه، الواقع يتم نبشه بقسوة، بوحشية، بجنون، ليعرض أمامنا عارياً من لبوسه، بكل تشوهاته وأخطاره – وهذا ما يفعله المسرح الطليعي من خلال كوميديا قاتمة.

    • مسافات الدخول إلى النص الأصلي كانت ملحوظة في أغلب الأحيان، فثمة نقلات في المشاهد من المحلي – العربي (إعداد) إلى الإنساني – الشامل (أصل) تبدو واضحة، لكنها على أية حال لا تتحول إلى انكسارات في العمل، عناك وحدة مقبولة ساهم العرض في تأكيدها شدت أجزاء العمل ككل ضمن رؤية واضحة، ورغم إدخالات تحليل الوضع العربي الاجتماعي والسياسي من تجزؤ واضطهاد وجوع وفقدان الحرية فقد بقي النسق الإنساني هو الغالب كمحصلة نهائية.

هذه المقولات ساهم الإخراج إلى حد بعيد في إيصالها من خلال الضحكة غير المغتصبة، ولعبة الضحكة بسيطة كنا نلعبها ونحن صغار نسميها (أم عميش) كان لها في العرض دلالتها ودورها في عملية ربط المشاهد.

    • أسعد فضة كمخرج استطاع أن يكون منسقاً ذكياً، بقيم توازناً دقيقاً على مستويين: توازن بين المشاهد، وتوازن بين الممثلين. المشاهد تبدو وكأنها مرسومة على الخشبة – زمنياً ومكانياً بمقياس دقيق، أما الممثلون فكان التناغم في حركاتهم رائعاً، لم ينفرد أي منهم ببطولة أو انتزاع – سرقة مشهد، ورغم تباين  قدراتهم من خلال متابعتي لهم في عروض عديدة فإنهم بدوا جميعاً في مستوى واحد، وهو بالتأكيد مستوى أكثر من جيد، ذلك يعود إلى فهم واع للدور أو الأدوار التي أدوها، والدخول في الدور، وانبثاق الحركة من هذا الوعي، وإلى طموح كل منهم إلى تقديم أنموذجة أو ما اختص به بشكل متميز من غير فقد الارتباط مع الآخرين وأخيراً إلى رؤية المخرج التنسيقية الكلية، بحيث مكنته من متابعة الرصد من مرقبين: داخلي وخارجي.

توقع كثير من الحضور أن يجدوا بطولة فردية في التمثيل، أعني أداءً متميزاً لشخص بعينه ولكنهم في اعتقادي لم يصابوا بخيبة، رغم عدم تحقق ما توقعوه، فقد خرجوا مستمتعين بالأداء المتناسق الرائع للمجموعة بكاملها، ولا استثني أحداً منهم:

مها الصالح التي أدت بحيوية فائقة، زيناتي قدسية كما عهدناه، أيمن زيدان حضور جيد، نجاح سفكوني مفاجأة في التعبير والحركة بالنسبة لأدوار سابقة، تيسير إدريس أداء متناغم. لقد ملؤوا المسرح حياة وحركة، واستطاعوا توليد انفعالات متعددة لدى الجمهور، وحافظوا على الوتيرة المتصاعدة في العرض كمان أراد لها المخرج وجهدوا.

بقي لدي تساؤل: مهمتان شاقتان قام بها الممثلون: الأولى هي الدخول إلى شخصية معينة ثم الخروج منها للدخول إلى أخرى وهكذا وأشهد أن الدخول والخروج كانا يتمان بالتوقيت والحركة النفسية والجسدية الصحيحين ولكل شخصية شروطها النفسية والحركة التي يجب أن تتحقق، وقد أجادوا في تحقيقها.

والثانية هي تلك الرياضة الحركية الشاقة التي قاموا بها، وقد خرجوا بعد هاتين المهمتين مجهدين تماماً، هذا ما لاحظته، ترى إن كان يمكنهم الاستمرار لو طالت المسرحية نصف ساعة أخرى أو أكثر، وكم يمكنهم الاستمرار في تقديم هذا العرض. طبعاً هذا مجرد تساؤل، والممثل إذ يخرج من العرض غير مجهد أفضل مما لو خرج منه منهكاً.

    • المحطات الغنائية كانت مريحة ومقنعة بتحقق الارتباط العضوي بينها وبين المادة الدرامية، وتركيز مؤلفها عيسى أيوب على علاقات الخوف والحرية والحزن.

على جسر الحرية          صار الخوف مدينة

بتغني البيوت          للفرح الهربان

يا يا حزن خلينا          نعملك أعياد

وذاكرتي المثلمة لا تسمح لي باستعادة الأغنية كاملة. ولا بد من الإشارة أيضاً إلى استخدام الإضاءة بشكل جيد، وقدرة الموسيقى على المرافقة والإيحاء وتعميق الإحساس بالحدث.

استطاع نعمان جود مصمم الديكور تحقيق العلاقة بين الكلمة – الحركة والديكور الذي بدا بسيطاً معبراً: خلفية سوداء، معادلة لهذا العصر الأسود، مرسوم عليها هوائيات تمثل تقنية العصر، من المفترض أن تكون أدوات اتصال ولكنها ليست غير أدوات قطع، وعربة فرقة متجولة تربط العصر الوسيط بتقنيات القرن العشرين، وإنسان عربي بملابسه التقليدية مصلوب في وضع ذري، وقمامة من مخلفات الغرب تملأ جانبي المكان وساحته أحياناً، وكل إنتاج محلي وعربي هو استمرار لبضاعة الكلام.

    • قدم العرض مجموعة لوحات ولقطات ناقدة، ساخرة حيناً، مؤلمة حيناً آخر، متأنية وسريعة، اعتمدت الصورة تارةً واللفظة تارةً أخرى، غير أنه في النهاية يعتبر عرضاً طليعياً من جانبيه النصي والشكلي، أثبت فيه المخرج قدرته على التعامل بذكاء مع مسرح عكسي بنيته الدرامية ضدية، غير تقليدية، وقد عرفناه سابقاً مخرجاً ناجحاً في مسرحيات ذات بنية درامية تقليدية.

قدم العرض بشكل تجريبي ممتع، لم يرهق المتفرج، خلافاً لما رأينا سابقاً من بعض عروض تجريبية، والمسرح الطليعي في جوهره كوميديا انتقادية ساخرة. وهذا ما حققه العرض، إنه بحق يعتبر أحد نجاحات المسرح القومي.

عبد الفتاح قلعجي

سيعمل بهمة الشباب ونشاطهم ويقضي الكثير من أوقات فراغه في ممارسة الرياضة، أو مع الأصدقاء، وكذلك في الاختلاء مع نفسه ومراجعة ذاته، بعد عمل يتصل فيه الليل بالنهار رحلته مع التمثيل طويلة لذلك يقول إن ابتعاده عن موقع التصوير يصيبه بالقلق.

هو ابن اللاذقية والبحر، وأحد أعمدة الدراما السورية إنه الفنان أسعد فضة الذي فتح قلبه ل ” الصدى ” وتحدث عن الدراما السورية وعن حياته الخاصة.

    • تاريخ خاطئ ودراما تنويرية

بدأ أسعد فضة حديثه بالدفاع عن الدراما السورية التي يرى بعض النقاد أنها ترتبط الى حد بعيد بالتاريخ و الأعمال الخيالية , وقال : لا أعتقد أن في ذلك مبالغة , فبدون ماض لا يوجد حاضر ولا مستقبل كما أننا محتاجون الى توظيف الخيال , لأن معظم تاريخنا كتب بشكل خاطئ و تطُرق الدراما السورية الى هذه المناطق المجهولة , يعني أنها تؤدي دورها التنويري المطلوب منها , وقد يكون ذلك سبب نجاح السوريين في هذا الصنف من الدراما , ما لفت الأنظار إليه و دفع البعض الى الاعتقاد – خطأ – أنه الصنف الوحيد الموجود في الساحة السورية الفنية .

وأضاف هنالك العديد من التجارب التاريخية الجيدة والناجحة في عدد من الدول العربية كالأردن ومصر والخليج ولبنان أيضا وقد يكون الاهتمام الزائد بالدراما التاريخية في سوريا ميزها عن غيرها، لكنه أمر غير مفروض من قبل الفضائيات أو الجهات المنتجة بل بسبب إيمان عميق بحاجتنا الى إلقاء الضوء على الأحداث التاريخية وتوضيحها.

    • رفض للاحتكار

وحول النمطية التي وقعت فيها الدراما السورية مؤخرا قال النجم السوري هذه تهمة فهناك العديد من التجارب الدرامية السورية المختلفة، معاصرة وواقعية واجتماعية إضافة الى أعمال كوميدية مختلفة ومتنوعة لاقت الكثير من النجاح.

وفي حديثه عن أدواره، أكد فضة أنه استفاد من كل عمل قدمه، وقال: يستطيع كل دور أو عمل أن يضيف الى الفنان، مهما كان صغيرا وهذا يتوقف على رؤية الممثل ايضا، واهتمامه وجديته، وأشك في منطقية الطرح الذي يدعي ارتباط فنان بقناة أو جهة إنتاج محددة وما يفرضه عليه ذلك من قيود.

    • الفنان الرياضي

من هوايات أسعد فضة المفضلة الرياضة، والقراءة، وعن الكتب التي يقرأها قال: لا يوجد صنف ادبي معين، لكني أفضل قراءة الكتب المتعلقة بمجال تخصصي سواء في المسرح أو السينما، أو القصة، أما غير ذلك، فأميل أكثر الى قراءة الرواية، إذ إنها تعطي الممثل أبعادا جديدة يستطيع توظيفها فنيا.

وردا على سؤال حول ما يتمنى أن يكون لو لم يكن ممثلا، قال:

أنا على ما أنا عليه ولا أستطيع أن أجزم ما كنت لأفعل لو لم أكن ممثلا، ولو أردت أن أكون شخصا آخر كنت سأسعى الى ذلك، لكنني لا أنكر أن رغبة أهلي كانت أن أصبح طبيبا، إلا أنني مشيت وراء حلمي، ورغبتي في أن أكون مخرجا وممثلا

وعن أحلامه الشخصية قال: هناك الكثير من الأحلام التي لم أحققها، وما زلت أسعى خلفها، لكننا الآن في عصر الواقع، لا عصر الأحلام، ويجب على كل شخص أن يحدد أهدافه ويحققها.

طوال سبعة وثلاثين عاما قضاها الفنان السوري الكبير أسعد فضة في عالم الفن وحافظ على تجدده ونشاطه، عرفناه صاحب موهبة متجددة مكنته من أداء عشرات الادوار التاريخية والاجتماعية والكوميدية، والتي كان آخرها تجسيده لدور ابن الوهاج في ” البواسل ” ويعترف أسعد فضة ان اشتراكه في مسلسل البواسل انما يأتي استكمالا لسلسة أحبها الجمهور، ولكنها لا تضيف شيئا الى رصيده الفني.

حول عدة قضايا راهنة تدخل في صميم الحياة الابداعية في عالم الفن دار حوارنا الآتي معه..

يقول الفنان أسعد مشاركتي في البواسل لم تضف شيئا جديدا على صعيد تجربتي كممثل، وأعدها استكمالا لشخصية أحبها الناس وتشوقوا لرؤيتها، وهذا يحدث معي ومع من سواي من الممثلين.

لماذا تقبل الاشتراك في مسلسلات لا تضيف جديدا الى تجربتك؟

احيانا يجبر أحدنا على الاشتراك في أعمال لا يرى فيها جديدا على صعيد تجربته الإبداعية، إذ لابد للممثل في عصر الثقافة الاستهلاكية من الظهور المستمر كي يثبت حضوره باستمرار، أما في حالة “البواسل ” فهي خاصة ومرهونة باستكمال شخصية في أجزاء تالية.

ماذا تسمي هذه الحالة، هل هي الضعف في مواجهة الشهرة التي منحها لك التلفزيون؟

لست ضعيفا أمام التلفزيون، لقد أخذت ما يكفيني من الشهرة كممثل، فأنا لا أمثل أي دور من دون أن أبذل فيه جهدا كبيرا والآن وبعد سبعة وثلاثين عامآ من دخولي عالم الفن لن أجد صعوبة في الاعتزال إذا شعرت بأنني لن أحظى بأدوار ترضيني.

أي الأدوار أحب الى قلبك، التاريخية أم الاجتماعية؟

لكل من المسلسلات التاريخية والاجتماعية أجواؤها الخاصة، ولكن ربما كنت ميالآ الى الأدوار التاريخية بسبب حبي الشديد للغة العربية الفصحى، والتي زاد حبي لها عملي المستمر في المسرح.

بمناسبة الحديث عن المسرح، لماذا لم نرك منذ 15 عاما على الخشبة؟

لقد درست الإخراج المسرحي في القاهرة ومنذ عام 1963 وأنا شديد القرب من عوالم المسرح، وبوصفي مديرا لدائرة المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة السورية، فأنا شديد الاطلاع على الحالة المسرحية في العالم العربي وشديد القرب منها. ثم إنني قريب من المسرح العالمي، إذ لا أترك مهرجانا إلا وأشاهد كل فعالياته، ربما أنا مقصر تجاه المسرح وأنا متشوق للعمل فيه كممثل وربما يكون ذلك عبر المونودراما التي أعشقها كثيرا

معروف أنك بدأت كممثل كوميدي على المسرح؟

نعم، وقد عملت مع كبار السوريين، وعلى رأسهم عبد اللطيف فتحي، والكوميديا تجري في دمي، إذ أحس أن بداخلي شخصا ساحرا تغريه أدوار الكوميديا

يقول الفنان نور الشريف انه يخشى على الدراما السورية من الغرق في متاهة الصورة، ماذا تقول؟

لما يقوله الفنان نور الشريف الكثير من المبررات، لم أسمع أو أقرأ ما قاله لكنني اعتقد بأنه فنان كبير وتتصف آراؤه بالموضوعية، وباعتقادي أن العمل التلفزيوني الناجح ليس صورة وحسب، بل لابد من مقولة عظيمة تبرر لنا انتاج وتمثيل هذا العمل او ذاك

وهل تعتقد بأن الفنتازيا التاريخية تملك مواصفات العمل التلفزيوني الناجح؟

لست مع الأجزاء في المسلسلات التلفزيونية ولهذا أعتقد أن ” الجوارح” كان أهم مسلسلات الفانتازيا التاريخية، مع أنني لا أذم الأجزاء الأخرى ولكن العادة في المسلسلات ذات الأجزاء أن يكون الجزء الأول أهم من الثاني والثاني أهم من الثالث، قد أفهم وجوب وجود جزء ثان من مسلسل تاريخي مهم أما وجود جزء ثان من مسلسلات من نوع مختلف فهذا لا أفهمه.

على الرغم من إعجابي بالعين الذهبية لمخرجنا نجدت أنزور.

بماذا تشبهك شخصية ابن الوهاج؟

بصلابتها، ولكنني أرفض أن أكون مثله، تعميني ثقتي بنفسي، إنه مغرور وهو ما سبب له كل مشكلاته بموت ثلاثة من أبنائه.

برأيك النجاح الذي تعيشه الدراما السورية حاليا موجة وستزول؟

لا ليس موجة بل نتيجة عوامل سببت هذا النجاح الذي جاء بالأساس اعتمادا على جهد وتضحية الفنان السوري، فنحن نضحي بأجرنا وتعبنا مقابل تقديم أعمال جيدة، ولا أدرى الى متى سيظل الفنان السوري يضحي من دون وجود جهة تدعم الدراما السورية

بعدك جاء جيل من الفنانين وأثبت وجوده من الفنان الذي تتوسم فيه النجاح؟

كل جيل يفرز أبطاله حتما من دون أن أسمي اسماء.

كيف تقضي أوقات فراغك؟

في القراءة، حتى في أثناء السفر لا أترك الكتاب من يدي.

أخيرا كيف تقيم الدور الذي يلعبه اتحاد الفنانين العرب المجمد فعليا وواقعيا؟

نشاطه واضح وهو ليس مجمدا، وأعتقد بأنه مكسب كبير للفنانين العرب، وإن قلًت نشاطاته